منذ بزوغ فجر هذه الدورة كانت القوّة. وأمام قاعة مملوءة عن آخرها، جلس رجلان في المنصة العليا ليعلنا، وهما بكامل قواهما الإبداعية الخلّاقة، عن اتفاقية شراكة ما أحوجنا إلبها، وهكذا تحوّلت الأحلام، والأوهام إلى سواد على البياض، تحوّلت من المرموز إلى الواضح الملموس.
مدير المركز السينمائي ورئيس اتحاد كتاب المغرب جنبا إلى جنب…الكتاب إلى جانب الفيلم السينمائي، القراءة إلى جانب المشاهدة، معرض الكتاب بجانب المهرجان السينمائي، الكتابة إلى جانب الإخراج، الشخصيات تندمج مع الشخوص، والخيال يحتضنه الخيال، والإبداع في خدمة الإبداع، والكاتب والمخرج لافرق بينهما سوى القلم والكاميرا…وكمّلوا من رؤوسكم.
هكذا كان اللقاء. لقاء الأحبة. لقاء الأصدقاء الذي ليس منه بدّ، بالرغم من أن العلاقة بينهما لا تحكمها مساطر إدارية، ولا هم يحزنون! فكرة جوهرية نبيلة أن يتعرف عن هذا أو ذاك، وذاك عن هذا…وليتنافس المتنافسون!
كتاب كثيرون يجهلون أسماء كثيرة من السينمائيين، ومعشر أهل الصورة أيضا لا يعرفون عن كتّابنا الأجلاء إلّا القليل النادر، وهذه، لعمري! مأساة عارمة. إذن، هذي البداية وما زال ما زال.
أما الثانية، فقد تمّت في اليوم الثاني بين مدير المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل، ومصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، حيث قرّر الاثنان، أمام حضور متميز من أهل الإنتاج والإخراج، تنظيم أيام دراسية حول السينما والمقاومة خلال الأشهر القادمة وتفعيلا لاتفاقية شراكة سبق أن تم توقيعها منذ شهور خلت.
لا يُنكر إلا جاحد عنيد بأن هناك ضعف ملحوظ ومقلق في الآن نفسه في تناول هكذا موضوع في أفلامنا الوطنية. علاقة السينما بموضوع أو قُل مواضيع المقاومة تشوبها أكثر من شائبة. وهذا تحصيل حاصل.
ولقد حان الوقت، بل أكثر من أي وقت مضى، للتفكير العميق والاتجاه الصحيح بالعمل الدؤوب من أجل تصوير وتناول السينما المغربية لموضوعات المقاومة، ولن يكون ذلك إلا مكسبا نبيلا لما يحمل في صوره من تداعيات جد إيجابية تجاه الذاكرة الوطنية. والشعب بدون ذاكرة، هو شعب، وكمّلوا من رؤوسكم مرة ثانية!
في عمل صخفي ذات يوم، إنتقلنا إلى إعدادية بالدار البيضاء، وسألنا التلاميذ عمّن يكون إبراهيم الروداني، ومحمد الزرقطوني، وكانت الطامة العظمى، والمصيبة الشؤمى، وعسى أن تكرهوا شيئا، وهو خير لكم…
فها هي النوايا الحسنة ها هنا، وهاهي الإرادة القوية ها هنا من طرف الطّرفين معا: وها نحن في قاعة الانتظار وكلنا أمل وتفاؤل…شريطة ألا يتهجّم البعض على الموضوع، وبذلك نخسر الرهان، ونسيء غلى ذاكرتنا الوطنية.