تناقلت الصحافة الإلكترونية، على الخصوص، خبر الإعتداء بالضرب و اللكم و التعنيف الذي قام به مؤخرا الأمير مولاي هشام في حق مستخدم عند أخيه بالفيلا التي تمتلكها أمه اللبنانية بالرباط، على خلفية شكوك ‘الأمير المنبوذ” في كون المستخدم يسرب أخبار العائلة للصحافة.
المثيرفي الخبر أن هذا التعنيف حدث بتزامن مع عودة الأمير لتوه من تونس العاصمة التي احتضنت على مدى يومين (17 و 18 ماي 2014) لقاء ا مفتوحا بين المثقفين و الأكاديميين حول موضوع “المثقفون و التحولات التاريخية في العالم العربي”، الذي لم يخل من إثارة الموضوعات الحقوقية، و ذلك بتنسيق من طرف الدكتورة التونسية خديجة محسن فنان المختصة في الشؤون المغاربية و المتوسطية، و التي تعتبر خبيرة في هذا المجال لدى عدة مؤسسات أكاديمية فرنسية إضافة إلى كونها واحدة من أعضاء “مؤسسة مولاي هشام” الساهرة على تنظيم اللقاء المذكور.
و على هامش الندوات التي تمت برمجتها خلال هذا اللقاء، قامت الدكتورة خديجة محسن فنان بخرجة إعلامية في أحد المنابر الإلكترونية التي تُسَوِّق للأطروحة الإنفصالية الصحراوية، لتبدي جهارا ما يبدو أن رئيس مؤسسته الأمريكية يخافت به بين أدنابه في مختلف بقاع المعمور حول القضية الوطنية الأولى للمغاربة.
الخبيرة التونسية في العلوم السياسية أثارت موضوع حقوق الإنسان بالصحراء منتقدة الأصوات التي دافعت على عدم توسيع صلاحيات “المينورسو” لتشمل مراقبة احترام حقوق الإنسان بالمنطقة، و مقللة من أهمية مهام المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي يضطلع بها بالمناطق الصحراوية.
و بالنظر البسيط للمتتبع، خبيرا كان أو غير متخصص، سيستنتج من النص المؤسس لهذه البعثة الأممية، و هو القرار 690 لمجلس الأمن الدولي الصادر في 29 أبريل 1991، أن مهام “المينورسو” هي مرتبطة بالإعداد للإستفتاء في الصحراء و بحفظ السلام في المناطق المتنازع عليها،و هو للتذكير استفتاء بإقتراح من المغرب لتأكيد مغربية صحرائه، و أما حقوق الإنسان فإن لها أهلها من داخل الهيئات المختصة.
و في سياق الحديث عن الأوضاع الراهنة، سلكت الدكتورة عضو اللجنة العلمية لمؤسسة مولاي هشام منحى الإنتباه للنصف الفارغ من الكأس عندما خلصت إلى أن جبهة البوليساريو محقة في إثارة حقوق الإنسان للدفاع عن مطالب المتظاهرين الصحراويين بالأقاليم المغربية الجنوبية و في محاولة استعادة ولاء الغاضبين الصحراويين المستقرين بإسبانيا و الذين أشهروا العصيان بتزامن مع الربيع العربي. لكن ما لم يتم الإنتباه إليه هو أن أصواتا أكبر تعالت من داخل البيت الزجاجي للإنفصاليين لتعبر عن غيظ شباب البوليساريو، كونه يتوق للتغيير و و يسعى ليسمع صوته للعالم بفضح كل أشكال الفساد داخل قياداته التيينعتها بأقدم القيادات السياسية في العالم و يتهمها بإنتهاك كل حقوقه، و بذلك يكون هؤلاء الشباب الناقمون يبرزون بالبنط العريض لكل من يُنَصِّبُ نفسه مدافعا عن المستضعفين، المعنى الحقيقيلعبارة “شهد شاهد من أهلها”.
خديجة محسن فنان استطردت في حديثها أن الموضوع الحقوقي ليس وليد اليوم، و لكنه أصبح ذا أولوية في النزاع منذ سنوات، و ساقت كمثال على ذلك قضية أمينتو حيدر عندما قامتسنة 2009بإضراب عن الطعام لعدة أيام على خلفية أسباب كانت اعتبرتها حقوقية، و انضم إليها في هذا الزعم من يتربصون بالمغرب. و إن أبسط ما يُرَدُّ به على كل هؤلاء هو سؤالهم: هل يستسيغ أي واحد له منطق لنفسه أن يحمل جواز سفر و ينكر إنتماءه للبلد الذي خوله إياه؟ و هل إنكاره المشروعية على سلطات البلد يستقيم مع مطالبة هذه السلطات بتمتيعه بجواز السفر؟و هل،و هل،و هل.
هذا، و إن حديث الدكتورة التي ترنو على إيقاعات ترانيم مؤسسة مولاي هشام لم يخل من إفراد قسط وافر للكلام على ما بعد “الفيلم الوثائقي” للممثل الإباحي خافيير بارديم حول الأوضاع في تندوف، و على العلاقات المغربية الفرنسية و ما تعتبره إنحيازا لفرنسا لمواقف المغرب في قضية الصحراء. كل هذا لتجعل القارئ يخرج بخلاصة واحدة مفادها أن المغرب متسلط يخرق القوانين الدولية و يقدم اقتراحات للتسوية على مقاسه هو، مع إعمال لوبياته لدفع المنتظم الدولي للإتفاق حولها.
إن هذه المساعي لطمس الحقيقة بإستعمال يافطات البحث الجامعي و التخصص الأكاديمي و النشر العلمي سرعان ما تنهار أمام الحق الصارخ الذي يعلو و لا يعلو عليه الباطل، لِتُرَسِّخَهُ في ذاكرة الوطنيين و تربعه على عرش سلوك و أدبيات المدافعين عليه ضد المصلحيين و العدائيين.