لا زالت مقاربة قطاع الوظيفة العمومية والشبه العمومية في المغرب حبيسة المقاربة الكمية إذ يتم اختزالها في وزن كتلة الأجور مقارنة مع الناتج الداخلي الخام دون تدقيق ودون تعليل للاستحقاق، وكذا في العدد الشمولي لهذه الشريحة إذ يتم، وبتناقض لا جدال فيه ، الحديث عن تواجد “فائض” في الموظفين في غياب، ، إن على صعيد المؤسسات العمومية أو على صعيد جهات المملكة، أي دراسة علمية ميدانية تزكي هذا الطرح. و الغريب أن يتم اختزال ورش تحديث القطاعات العمومية بمفهوم يتناغم في شموليته مع ما أسست عليه الرأسمالية في نسختها البدائية المتطرفة ( حيث كان شغلها الشاغل هو اضطهاد الأجور إلى الحد الأدنى المعيشي) والبعيدة كل البعد عن الاجتهادات الفكرية العلمية التي ابتدعت وارتقت لتهم مبادئ التدبير البناء للموارد البشرية إن على صعيد القطاع الخاص أو على صعيد القطاع العمومي.
أولا : لم الاصلاح ؟
شهد السيد رئيس الحكومة، من خلال مداخلة ليوم 26 يونيو 2013 أمام ثلة من ممثلي الأمة، إلى كون التشخيص المتوفر لديه يؤكد بكون “أداء إدارتنا غير مرض” وأن الوضعية لا يجب أن تبق على ما هي عليها وأن المواطن المغربي وجب أن يستوعب أنه صاحب السيادة في الدولة. مستدركا أنه بفضل الاجراءات التي اتخذتها حكومته قد بدأ المواطن المغربي يعيد ثقته في الإدارة.
قد يبدو هذا التساؤل غريبا وربما تراه يدعو إلى الاستهزاء والسخرية في نظر الموظف الذي ترسخت في ذاكرته ومن خلال يومياته داخل دواليب الإدارة العمومية أن مصطلح الإصلاح وجب من الأفضل تناسيه لكون الحال باق على حاله. من الأكيد أن البعض، وهم مدركون بواقع الأمر، سينعتون هذه الرؤيا بكونها تشاؤمية. ولكن الكثيرون سينعتونها بالحقيقة المعاشة. ووفقا لأبجديات مفهوم الديمقراطية وجب الوثوق بكون الأغلبية على صدق وصواب بينما ذاك البعض على بهتان موسمي وفق تقلبات كفتي ميزان المصلحة الشخصية.
كثرت مشاكل الوظيفة العمومية وتنوعت وتشابكت وتراكمت بقدر ما تكاثرت به المؤسسات العمومية وتوالدها خصوصا مع إيجاد صيغ لإعداد “شبه قوانين” خاصة بتدبير البعض منها. الأمر الذي يزيد من تعميق الفوارق بين موظفي الدولة ليس فقط فيما يتعلق بالأجور بل حتى على مستوى الامتيازات المادية والمعنوية. إلا أن هذا البعض منها بات يشكل ملجأ منفعيا بامتياز من الناحية المادية لكونه يمكن بعض المحضوضين من تحويل مناصبهم النظامية الخاضعة في ترقيتها إلى قوانين الوظيفة العمومية إلى مناصب تعاقدية “لا علاقة لها بالمؤهلات” برواتب قد تفوق أضعاف أو ثلاثة أضعاف ما كان يحصل عليه في المنصب النظامي. ليشهد مجال الوظيفة العمومية نوعا من الهجرة “الانتقائية” لأطر محظوظة من وضعية الوظيفة النظامية إلى وضعية الوظيفة التعاقدية مع الاحتفاظ، عند تغير “أجواء المنفعة”، بحق العودة إلى المنصب الأصلي. بل أكثر من هذا، قد لا يكون هناك انتقال من مؤسسة عمومية إلى أخرى، إذ بنفس المؤسسة العمومية يتم تحويل وضعية الموظف النظامي إلى وضعية الموظف التعاقدي وهذا من شأنه خلق نوع من البلبلة السلبية داخل المؤسسات التي تسلك هذا السبيل. قد يكون هذا السبيل موضوعيا خصوصا إذا تم مع خبراء ذوي اختصاصات ومؤهلات غير متوفرة لذا الأطر المتواجدة أما غير هذا الوضع، فالأمر بين ولا حاجة لتوضيح حيثياته.
أكيد أن إصلاح قطاع الوظيفة العمومية كان ولازال مطلبا اقتصاديا واجتماعيا أولويا أكثر منه سياسيا. لا يمكن الاعتقاد بكون الإطار القانوني المنظم للوظيفة العمومية إطارا جامدا بل من العقلاني أن يشهد تطورا وتكييفا مواكبة للتطورات التي يشهدها المجتمع المغربي وللنشاطات الاقتصادية المتعددة التي تمارسها مختلف الأطر. كما أن مصطلح الإصلاح لا ينبغي حصره على نحو تأقلمه بل أيضا تجاوز المعيقات المادية والمعنوية التي تحول دون الرفع من مردودية أطر الوظيفة العمومية من خلال تجاوز ثغرات الإطار القانوني للوظيفة العمومية والتفعيل الفعلي لمقتضياته. لا حاجة لموظفي المؤسسات العمومية بمنظومة قانونية صورية تظل مقتضياتها مجرد حبر على ورق. فالإصلاح إذا وجب على أدنى تقدير أن يكون رباعي الأبعاد: التأقلم، الإثراء مع التوضيح ثم التفعيل من زاوية العدالة.
ثانيا: عدم موضوعية عناصر تقييم مردودية الموظف في الوظيفة العمومية:
لا جدال في كون طبيعة المسطرة المتبعة لتقييم المردودية عبر التنقيط لا يمكن بتاتا وصفها بالعلمية لكون منتوج الموظف، وبكل موضوعية، يندرج ضمن خانة الخدمات.وعليه يبق تقييم أو تنقيط الموظف داخل الادارة العمومية المغربية خاضعا لمدى “طاعة” الموظف لمرؤوسه. حيث أن هذا الأخير يزكي تفانيه في العمل والحضور المستمر وحسن السلوك. أما عدم “الطاعة” فيوازيه كثرة الغياب وعدم الجدية في العمل وسوء السلوك ليترجم هذا كله إلى المرور عبر المجالس التأديبية الصورية والسيناريوهات المفبركة المؤدية إلى تدحرج بطيء للموظف عبر السلم الاداري ومع توالي الإنذارات قد يتوج مسار موظف بطرد مفبرك قانونيا. فعناصر تقييم أو تقدير الرؤساء أو المدراء المباشرين كما هو معمول بها منذ 1958 إلى يومنا هذا هي كالتالي:
المعلومات المهنية: وهذا يعني أن كل موظف وجب أن يتم تعيينه في منصب وفق مؤهلات فكرية تمكنه من ممارسة مهامه على أحسن وجه. وهذا أمر غريب لكون المعلومات المهنية لا يمكن أن تعكسها أية شهادة محصل عليها بمعنى أن هذه المعلومات تكتسب أثناء مزاولة المهنة عمليا. وحتى لو افترضنا أن هذه المعلومات قد تكون في بعض أسلاك التكوينات المهنية، فهذا يعني، حتى يكون التنقيط موضوعيا، أن التعيين وجب أن يكون في المنصب الملائم لمؤهلات من يشغله. فكيف يتم إذا اعتماد هذا البند في تقييم إطار ذو شهادة في الفيزياء أو الكيمياء (مع احترامي لهذه التخصصات العلمية) يتم تعيينه كمسؤول إداري ومالي أو كمسؤول عن تدبير الموارد البشرية ؟ كيف نستند إلى تقييم موظف ذو مؤهلات فكرية في القانون وهو معين في خلية التواصل ؟ (…) أضف إلى ما سبق، قد يتم ترحيل موظف اكتسب معلومات مهنية وخبرة عملية مع مرور الوقت من منصب إلى منصب أخر لا علاقة له بمؤهلاته ولا علاقة له بالمنصب الذي اشتغل به واكتسب خبرة عملية فيه. وبالتالي فلا مصداقية لتقييم موظف على أساس هذا البند إلا إذا احترم تعيين الموظف وفق تكوينه. وإذا كان هذا الأمر شبه مستحيل، فوجب بالتالي إلغاءه والكف عن تبنيه كمعيار لتقييم مغالط للموظف.
الفعالية والانتاج: مما لا شك فيه أن هذا البند له صلة وطيدة بالبند الأول، وبالتالي فإذا بطل الأول، بطلت الفعالية والانتاج إلا في حالة واحدة، وهي ليست بمستحيلة، عند ما يتميز الموظف بنوع من المرونة العملية والقدرة على التأقلم مع المهام المناطة إليه. ولكن هل من معيار علمي يمكن اعتماده لقياس الفعالية والانتاج حينما يتعلق الأمر بمنتوج الوظيفة العمومية والذي هو خدمة غير مادية ؟ قد يكون المعيار ملائما للقطاع الخاص المنتج لما هو مادي أما بالنسبة لقطاع الوظيفة العمومية، فهذا المعيار وجب استبداله لعدم موضوعيته.
السلوك : وبعبارة أخرى “شهادة حسن السيرة” وهذا المعيار قد يكتسي عدة أوجه ليتخذ صيغة العلاقات بين الموظف والموظفين ومسؤوله المباشر أو بين الموظف والمواطن وهذا يبق من الصعب تقييمه، أو صيغة المواظبة على احترام مواقيت العمل. وبخصوص هذه الصيغة الأخيرة للسلوك أكد رئيس الحكومة في مداخلته على كونها من بين الاجراءات العملية (التكنولوجية) التي حسب رأيه كان لها أثر إيجابي على ضبط سير المؤسسات العمومية. عفوا سيدي الرئيس الانسان هو من يتحكم في التكنولوجيا وليس العكس ذلك أن هذا الإجراء مع إبطال توقيع الموظف لا يعني شيئا خصوصا عندما تعم الاستثناءات داخل المؤسسة العمومية ابتداء من الرؤساء المباشرين الذين يعتبرون نفسهم بغير المعنيين إلى بعض الموظفين الذين يتم التستر عنهم وتمرير بطائق حضورهم دون تواجدهم. السلوك يا سيدي الرئيس هو نمط تعايش الموظف مع محيطه الوظيفي وهو بالتالي وليد طبيعة المناخ العلائقي السائد داخل المؤسسة العمومية المتواجد بها. فطبيعة العلاقات السائدة داخل المؤسسة العمومية هي من تحدد سلوك الموظف. علاقات تصبح تقليدا وجب الانطباع به والانصياع معه وأي موظف لم يتأقلم أو غير راض عن هذه التقاليد يصبح منبوذا ومهمشا وغير مرعوب فيه.
ثالثا: بن كيران يستهدف الموظف ويتستر على المسؤولين ويرسخ مبدأ الأجر مقابل الحضور عوض
الأجر مقابل العمل.
حينما يؤكد رئيس الحكومة على ضرورة إرجاع الثقة للمواطن في علاقته مع الادارة وكون المواطن هو صاحب السيادة في الدولة فهذا خطاب لا معنى له ذلك أنه أن السيد بنكبران تناسى بكون الادارة هي مجرد بناية ومكاتب لا تنبعث في الحياة إلا بتواجد موظفين والذين هم في نفس الوقت مواطنون. أي أن عامل الثقة وجب أن يكون قائما بين المواطن الذي يمارس وظيفته والمواطن الذي يتوجه لذا ذاك المواطن المؤتمن على حسن أداء مهمته في ظروف وجب طبيعيا وموضوعيا أن تكون مستجيبة لمتطلبات الموظف. وهنا يكمن بيت القصيد فالسيد الرئيس يطالب الموظف بجعل المواطن صاحب السيادة كواجب أساسي قصد الرقي بأخلاقيات تقديم الخدمة العمومية ولكن السيد الرئيس تجاهل متطلبات وحقوق ذاك الموظف الذي اعتقد أنه سيجيد وظيفته بمجرد إدخال آلة ضبط الوقت والكاميرات. عفوا يا سيد بنكيران فهذه الآليات ليست سوى “لعب عاشوراء” تم تبذير المال العام باقتناءها إذ ما يمكن فهمه من خلال هذه الاجراءات هو أن الأهم عند السيد بنكيران هو تواجد الموظف بمقر عمله خلال وقت العمل سواء كان لذيه ملفات يعالجها أم لا. وبالتالي فالسيد الرئيس هو بصدد تغيير إحدى أهم الركائز القانونية في الوظيفة العمومية من صيغة العمل مقابل الأجر إلى صيغة أخرى يصبح فيها الأجر مقابل الحضور. وهذه الصيغة التي بات في اعتقادكم الموظف يعيشها لا صلة لها بتحديث الادارة العمومية بقدر ما هي نوع من “اعتقال أو حبس الموظف داخل مكتبه خلال مدة العمل” (فالتحديث الفعلي والجاد قد مكن الموظف في الدول المحترمة لموظفيها بتأدية مهامها وهي بمنازلها وموافاة الادارة عبر الانترنيت بما عالجه الموظف من ملفات. الأمر الذي ساهم كذلك في تجاوز مسألة الاكتضاض داخل المكاتب وعدم تبذير أموال الدولة في توفير بنايات ومكاتب إدارية).
ف”حبس” الموظف داخل مكتبه أمر جد سلبي من الناحية المعنوعية للموظف خصوصا ذاك الموظف المنبوذ الذي لا مهام له داخل المؤسسة بفعل مزاج رئيسه المباشر والذي هو من وجبت عليك يا سيد بنكيران توجيه خطابك اتجاهه لكونه هو المسؤول عن تدبير الموارد البشرية التي توضع رهن إشارته، فتغاضيه عن حضور وأفعال البعض واستهدافه للبعض الآخر ظلما وعدوانا في مناخ يتم فيه تغييب تام لهيبة الفاعل النقابي وطمس الحوار الاجتماعي، هو ما زاد من حدة الحقد الوظيفي داخل مؤسسات الوظيفة العمومية. فالمواطن سيدي الرئيس عندما يلج مصلحة عمومية ولا يجد الموظف، فهو يتساءل عن أية وجهة هم مولوها المسؤولون عن هؤلاء الموظفين. وغالبا ما تعطل مصالح المواطن بفعل غياب ليس الموظف ولكن بفعل غياب المسؤول الذي له الصلاحية في التأشير عن الوثائق. لتصبح بعض المكاتب في بعض مصالح المؤسسات العمومية مجالات لتجاذب أطراف الحديث بين الموظف والمواطن في انتظار قدوم المسؤول الذي ربما قد يلج مقر عمله أو لا. وهذا واقع ملموس ولا غبار عليه. وبالتالي فلا يمكنكم الحديث على تقدم نوعي في مجال تقديم الخدمات العمومية وعودة الثقة بين المواطن والادارة في وقت لا تتعدى فيه الاجراءات التي تتخذونها ذاك الموظف إما الذي يوجد في أدنى سلم الوظيفة العمومية وإما ذاك المنبوذ والذي لا ذنب له سوى عدم رغبته في تبني منطق التملق وإيصال الوشايات لمرؤوسه.
رابعا: عجيب أمر تباهي بنكيران بالاقتطاع في الأجور:
عجب عجاب ان يعتبر رئيس حكومة تنزيل دستور 2011 ممارسة حق دستوري بالاضرابات العشوائية و أن يصل آثار ضرب هذا الحق الدستوري برقي الخدمة التي، في نظره، باتت تتميز بها الوظيفة العمومية هذا في وقت برهن فيه منذ توليه رئاسة الحكومة عن عجزه في اكتساب اللباقة السياسية لضمان:
مداومة الحوار الاجتماعي ونبذه له مع طمس عدة فعاليات نقابية؛
استمرارية الائتلاف الحكومي؛
تنشيط العمل التشريعي أي عدم تجميد وتجاهل دور نواب الأمة في بلورة القوانين ومناقشتها والمصادقة عليها والاقتصار على تمرير مراسيم حكومية مباشرة وهذا المنحى يتنافى جملة وتفصيلا مع متطلبات إنزال الدستور؛
استمراية دور فعاليات المشهد النقابي والحقوقي في ضمان السلم الاجتماعي والتخفيف من الاحتقان الاجتماعي من خلال دورهم في التأطير(…).
أما حدوتة ارتفاع كثلة الأجور والتي تعللونها بارتفاع رواتب الوظيفة العمومية مقارنة مع دول الجوار، فهي حدوتة قد بهتت لكونك يا سيد الرئيس على دراية تامة بطبقة الموظفين الذين تسبب ضخامة أجورهم ارتفاع كثلة الأجور حتى بات الاقتصاد المغربي في عهد تدبيركم له يقترض لا للاستثمار بل لمجرد تغطية مصاريف التسيير. إنه فعلا منحى خطير سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يميز تدبيركم للشأن العام المغربي ومن الأكيد أنكم ستجعلون المغرب يفقد التحكم في مقود تدبير اقتصاده وفقا لمؤهلاته ليعدو رهينة توجيهات المؤسسات النقدية العالمية. ثم لم لا تتخذون دول الشمال قدوة في تدبيرهم للأزمة الاقتصادية التي يمرون منها وتكتفون بالتلميح إلى الدول المجاورة وبكل تناقض تتخذونها قدوة وهي في هيجان سياسي واحتقان اجتماعي وانهيار اقتصادي مستمر ومتصاعد.
بعدما كنتم تلمحون بإمكانية اللجوء إلى تخفيض أجور الموظفين إذا اقتضى الأمر ذلك، عدلت حكومتكم عن هذا السبيل واتجهت نحو سبيل لا يقل سلبية على الأول لكون حكومتكم تعلم بأن ارتفاع الأسعار ب 41 في المائة لمن شأنه خنق القدرة الشرائية للأسر المغربية مع انتظار تبعات إقصاء وليس إصلاح صندوق المقاصة والذي سيزيد الأسعار لهيبا والقدرة الشرائية انهيارا. وليس بغريب أنكم لم تشيروا ولو بكلمة عن المناظرة التي نظمت بغية الإحاطة بمستلزمات الرقي بالوظيفة العمومية لكونكم على يقين تام بكونها لن تتعدى إطار المناظرة. كيف يعقل الحديث عن إصلاح هذا الورش وقاعدته الاساسية التي هي العدالة لا زالت بين المد والجزر؟ كيف يعقل تنظيم مناظرة بخصوص الوظيفة العمومية وجل الفرقاء المعنيون بالأمر منهم من هم مغيبون ومنهم من ضاق من الأسلوب السلطوي والغير ديمقراطي والأحادي التوجه الذي تسلكونه في لقاءاتكم، ففضلوا الانسحاب؟ الإصلاح يتطلب إبداع قوانين ومراجعة أخرى أي تشريعات وفي غياب الجهاز المؤهل لهذا العمل أي البرلمان، الجهاز التشريعي، سيبقى الإصلاح معطوبا ومعطلا.
خلاصة: كما صرحتم السيد بن كيران، ها أنتم ماضون على نهجكم ولن تعدلوا عن توجهاتكم السليبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تحت ذريعة شعارات تموهون بها المواطن المغربي وفي نفس الوقت تبتدعون تخاريف لتبرير عجزكم عن معالجتها. أين أنتم مما كان حزبكم يدعي القيام به ؟ لقد خذلتم من وثق بخطابكم بل خذلتم حتى من وهبكم الأغلبية لتترأسوا الحكومة. فعلا أنتم ماضون ولكن في اتجاه معاكس لمتطلبات غالبية المواطنين المغاربة. أوهمتم الشعب بالتشغيل، فصرختم ضد حكم قضائي لفائدة معطلي المحضر. أليس هذا بخرق لمبدأ استقلالية القضاء؟ شغلتم الشباب بالمباريات قصد التشغيل وانشغلتم أنتم بالتنافس على المناصب السامية. أوهمتم الشعب بكون الوظيفة لن تعود مجالا لتجميع الثروات في وقت لا يزال الحال على ما عليه إذ لم تتم مراجعة القوانين المتعلقة بالصفقات العمومية ولم تراجع معايير تقييم الموظفين وفق المؤهلات بل كيف تسمح حكومتكم لمؤسسات عمومية أن تقوم بتحويل الموظفين من وضعية نظامية إلى وضعية تعاقدية لينتقل من أجرة شهرية تتراوح بين 10000 و 12000 درهم إلى أجرة تتراوح بين 25000 و 30000 درهم. أليس هذا التحايل على مقتضيات الوظيفة العمومية بأفضل حال من التجارة التي توجهون أبناء الشعب نحوها؟ كل الاجراءات التي اتخذتم لا تمس سوى الموظفين من زاوية التضييق عليهم لعدم قدرتكم على مواجهة المسؤولين. كيف تتقبلون وحزبكم حامل لشعار العدالة أن تتم محاسبة الموظف ومعاقبته في وقت أنكم واعون بكونه تحت إمرة مسؤول مباشر إداريا؟ فالموظف لا يمكن أن يقوم بأمر ما أو أن يوجد في وضعية ما إلا بتستر أو بأمر من مسؤوله الاداري المباشر. والمغرب إذ يؤسس لدولة الحق والقانون، كيف تتقبل حكومتكم معاقبة ومتابعة طرف دون الطرف المسؤول فعليا؟ كل فعل في الوظيفة العمومية يقوم بمساهمة اثنين وبالتالي فالمحاسبة وجبت على الاثنين بل أكثر من ذلك وجبت على المسؤول المباشر الذي تغاضى عنه ولم يقم بواجبه المهني؟ لا ننتظر إصلاحا في ظل حكومة يترأسها حزب لا يثقن حتى أبسط مصطلحات الحوار لا السياسي ولا الاقتصادي ولا الاجتماعي. ما يمكن انتظاره من حكومتكم سوى كارثة هذا إذا سمح ما سمح لكم المواطن المغربي بالاستمرارية في اللغو عوض العمل الجاد والنتائج الملموسة. لقد عايش المجتمع المغربي تدبير عدة حكومات ولكنه لم يشهد حكومة يترأسها حزب جعل من مقاطعة الحوار والتشاور والمشاركة منهجية في تعامله مع باقي مختلف الفرقاء. لا يعقل أن يتم تدبير الشأن العام بواسطة حزب نفرت بفعل تصرفاته جل الفعاليات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو المدنية أو الحقوقية (…). لم يشهد المواطن المغربي حزبا في موقع المسؤولية تاركا ما وجب القيام به ويهدد بالنزول إلى الشارع. إنها ب”الصوت والصورة” البهلوانية السياسية في أبهى حللها.
.باحث في العلوم الاقتصادية والاجتماعية