سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
يخلد الشعب المغربي، غدا الأربعاء، بفخر واعتزاز، الذكرى التاسعة والأربعين لإعلان جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، عن تنظيم المسيرة الخضراء المظفرة، التي تعد محطة مشرقة ضمن مسلسل استكمال الوحدة الترابية واسترجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وقد مكنت هذه المسيرة السلمية الفريدة من نوعها، الشعب المغربي من تحرير جزء من أراضيه السليبة، واستكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة.
ففي 16 أكتوبر من سنة 1975، أعلن جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، عن تنظيم المسيرة الخضراء، التي شكلت سابقة في تاريخ التحرر من الاستعمار، واسترجاع الصحراء التي لم تكن إلا أرضا مغربية، تجمع سكانها بسلاطين المغرب روابط البيعة.
وتزامن إعلان جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء مع إصدار محكمة العدل الدولية بلاهاي لرأيها الاستشاري حول الصحراء، والذي أكدت فيه هذا الواقع، وكرست من خلاله شرعية مطالب المغرب باسترجاع أراضيه السليبة، في اعتراف دولي لا يقبل الاجتهاد أو التأويل.
وشددت المحكمة في هذا القرار التاريخي على أن هذا الجزء من تراب المملكة لم يكن يوما أرضا خلاء، وأن روابط قانونية وأواصر البيعة كانت تجمع بين سلاطين المغرب و قبائل الصحراء، في اعتراف دولي لا يقبل التأويل بشرعية مطالب المغرب من أجل استرجاع أراضيه السليبة.
وكان هذا الاعتراف بداية للتحرك لاسترجاع ربوع كانت خاضعة للاستعمار. إذ أعلن جلالة المغفور له الحسن الثاني في خطاب إلى الأمة، يوم 16 أكتوبر 1975، عن تنظيم المسيرة الخضراء التي أذهلت العالم أجمع بسلميتها.
وجسدت المسيرة الخضراء، التي انطلقت في السادس من نونبر عام 1975، مبادئ تشبث المغاربة بترابهم الوطني والتحام الشعب بالعرش، وإجماع كافة فئات وشرائح المجتمع المغربي على الوحدة، ومثالا يحتذى عن نبذ العنف والتشبع بقيم السلام.
ومهدت المسيرة الخضراء المظفرة لانطلاق مسلسل البناء والتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث بدأت تعبئة وطنية حقيقية من أجل النهوض بمختلف آليات التنمية بهذا الجزء الأصيل من التراب الوطني بغرض محو مخلفات المرحلة الاستعمارية وتمكين هذه المناطق من بلوغ ركب التنمية على غرار باقي جهات المملكة.
ولتحقيق هذه الغاية، تم إطلاق مشاريع تنموية على نطاق واسع، جعلت رفاه المواطن في صلب الأولويات، وهو ما مهد الطريق أمام تحول عميق في الأقاليم الجنوبية.
واليوم، وبعد الدينامية الإيجابية، التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، والتي ترتكز على ترسيخ سيادة المغرب على ترابه، واتساع نطاق دعم مبادرة الحكم الذاتي، تتوالى اعترافات الدول بالحقوق التاريخية للمغرب على صحرائه انتصارا للحق وللشرعية.
وتمكن المغرب في هذا الصدد، من كسب اعتراف دول وازنة، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واسبانيا…
وبموازاة ذلك، تحظى مبادرة الحكم الذاتي، كأساس وحيد للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع، في إطار سيادة المملكة، بدعم واسع من طرف عدد متزايد من الدول من مختلف أنحاء العالم.
وقد أكد جلالة الملك، في خطابه السامي إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، أن هذه الدول تواكب مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تشهدها الصحراء المغربية، وتعزز موقعها كمحور للتواصل والتبادل بين المغرب وعمقه الإفريقي.
وأضاف جلالته أنها تضعها في صلب المبادرات القارية الاستراتيجية، التي أطلقها المغرب، كمشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، إضافة إلى مبادرة تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
كما أكد صاحب الجلالة في نفس الخطاب أن ما تم تحقيقه من مكاسب، على درب طي هذا الملف، وما تعرفه الأقاليم الجنوبية من تنمية اقتصادية واجتماعية، كان بفضل تضامن جميع المغاربة، وتضافر جهودهم، في سبيل ترسيخ الوحدة الوطنية والترابية.
لقد شكلت المسيرة الخضراء المظفرة محطة تاريخية ذات دلالات عميقة تؤرخ لصفحات مشرقة من النضال الذي خاضه المغاربة، ملكا وشعبا، في مسيرة تحقيق واستكمال الوحدة الترابية، وحدثا يلهم الأجيال في النضال من أجل إعلاء صروح المغرب الجديد، وتعزيز مكانته المتألقة وأدواره الرائدة بين الأمم والشعوب.