حموشي يرأس وفد المملكة المغربية المشارك في الدورة 92 للجمعية العامة للأنتربول بإسكتلندا
أدان عدد من الخبراء الذين التأموا اليوم الأربعاء بالرباط في لقاء دراسي وتواصلي نظمه البرلمان المغربي، سياسة الكيل بمكيالين وبالمنطق النيوكولونيالي الذي يحكم سلوك البرلمان الأوروبي في الحملة التي يشنها ضد المغرب.
وفضح هؤلاء الخبراء في مداخلات خلال اللقاء الذي تدارس خلفيات وأبعاد استهداف البرلمان الأوروبي الممنهج للمغرب، حملة هذه الهيئة البرلمانية ضد المملكة وصمتها المطبق إزاء الوضعية المتردية لحقوق الإنسان في العديد من البلدان، وخصوصا الجزائر، مستنكرين أيضا منطقها القائم على ازدواجية المعايير، لاسيما في التعاطي مع قضايا الاعتداء الجنسي المنظورة أمام المحاكم، والذي يضرب بعرض الحائط حقوق الضحايا.
وفي هذا السياق، شجب المحلل السياسي، مصطفى السحيمي، وقوف المؤسسة البرلمانية الأوروبية موقف العاجز حيال وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، معتبرا أن أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يودون الحديث عن حقوق الإنسان، يجب عليهم الالتفات أولا إلى وضعية هذه الحقوق بالجزائر التي تعد مسرحا للعديد من الانتهاكات.
وتطرق الخبير إلى وضعية “الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان”،مشيرا الى أنه لم يتم إخطار هذه الأخيرة بتعليق نشاطها وحلِّها، مضيفا أنه تم إغلاق عشرات المواقع الإلكترونية من قبل المنظومة العسكر الحاكمة بالجزائر، إلى جانب استخدام وسائل الضغط المالية بالتضييق على عائدات الإعلانات لبعض الصحف.
وسجّل السيد السحيمي أن 430 شخصا من نشطاء “الحراك” ما زالوا معتقلين و 60 شخصا آخر تم الزج بهم في السجون دون محاكمة، مُضيفا أن العاصمة الجزائرية ظلت منذ سنة 1992 في حالة استثناء، وهو ما يعني، بحسبه، أن المظاهرات هناك ممنوعة بمرسوم.
من جهته، أكد الأستاذ الجامعي، محمد كاين، أن الحملة التي تشن على المغرب هي حملة ممنهجة من طرف البرلمان الأوروبي، والذي يحاول أن يرسخ “تراتبيات نيوكولونيالية” بمنطق الاستعلاء وإعطاء الدروس للجوار الجنوبي لأوروبا، مشيرا إلى أن العالم يشهد بما راكمته التجربة المغربية من إصلاحات مؤسساتية، وتعزيز وترسيخ للتجربة الديموقراطية.
وأوضح الخبير في مجال حقوق الإنسان، أنه في الوقت الذي راكمت فيه المملكة تجارب فضلى في تكريس الحقوق والحريات، ولا سيما بالأقاليم الجنوبية في المملكة التي تشهد زخما تنمويا على كافة المستويات، تعيش مخيمات تندوف بالجنوب الجزائري انتهاكات وفضاعات صدرت بخصوصها مقررات أممية وتقارير عن منظمات دولية معروفة.
من جهتها، سجّلت المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، عائشة الكلاع في معرض تعليقها عن قرار البرلمان الأوروبي، أنه تمت مصادرة صوت ضحايا الاعتداءات الجنسية، معتبرة أنه “كان على البرلمان الأوروبي ومن باب الموضوعية والحياد أن يستمع للضحايا ثم يُكَوِّن القناعات ومن ثم يصدر الموقف الذي يراه مناسبا”.
واعتبرت السيدة الكلاع، بصفتها رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، أن استعمال النساء في هذا الملف يعتبر عنفا مضاعفا مورس ضدهن، مبرزة “أنهن تعرضن لعنف جنسي ويتعرضن الآن لعنف سياسي من طرف مؤسسات يفترض أن تدافع عن حقوق الإنسان”، ومسجلة أن “الضمانات توفرت للمتهمين في حين لم تتوفر للضحايا اللواتي تعرضن للسب والقذف والتشهير”.
في السياق ذاته، اعتبرت الحقوقية والمحامية، فاطمة الزهراء الشاوي أن قرار البرلمان الأوروبي يعد “احتقار وإهانة للمرأة المغربية باستخدامها كأداة من طرف جهات معينة في هذا الملف”، وهو ما وصفته “بالخطر على حقوق المرأة المغربية بتكميم أفواه النساء وتخويفهن من التبليغ عن العنف”.
وسجلت السيدة الشاوي سلوك البرلمان الأوروبي ينطوي على مفارقة في الوقت الذي أعلنت فيه المفوضية الأوروبية عن إنشاء رقم هاتفي لتشجيع النساء على التبليغ ضد الانتهاكات، متسائلة “كيف نشجع النساء في أوروبا ونحرم المرأة المغربية من التبليغ عن العنف، ثم حين تتشَّجع المرأة تعتبر أداة مسخّرة؟”.
واستنكرت التزام الهيئة الأوروبية ذاتها بمنع العنف ومكافحته باقتراح قواعد جديدة لوضع حد للعنف ضد المرأة لاسيما التحرش في مكان العمل، في الوقت الذي لم يلتفت فيه البرلمان الأوروبي إلى 12 صحفية تعرضت للعنف في مكان العمل، مع توفر إثباته صوتا وصورة.
وأكدت الفاعلة الحقوقية أن العنف ضد النساء يعتبر من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وحقوق النساء، مبرزة أنه “لمعالجته لابد من خلق مراكز الاستماع للتشجيع على تبيلغ النساء عن العنف”.
وتميز هذا اللقاء بعرض شهادة عبر الفيديو لخديجتو محمد محمود ، ضحية جريمة الاغتضاب من قبل المدعو إبراهيم غالي، الذي يقود ميليشيات +البوليساريو+ والتي أكدت فيها أن قضيتها التي تعكس شناعة ما تقترفه الجماعة الانفصالية من جرائم هي أجدر بالاهتمام وبأن يسلط البرلمانيون الأوروبيون الضوء عليها ويتبنوها عوض الترويج لقضايا تقوم على ادعاءات واهية و روايات مختلقة.
وتفاعلا مع مضمون هذه الشهادة، قال المحامي والناشط الحقوقي، نوفل بوعمري، إن رفض البرلمان الأوروبي الاستماع إلى خديجتو محمود، ضحية الاغتصاب بمخيمات تندوف مثال صارخ على سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها هذا البرلمان.
وأبرز السيد بوعمري، أنه للرد على حملات البرلمان الأوروبي ضد المغرب يمكن الاكتفاء بأمر واحد هو شريط الفيديو للضحية خديجتو محمود الذي يجيب على مختلف التحركات التي تقوم بها هذه المؤسسة منذ سنوات.
وسجل أن الشريط يبرز أن هناك ضحية حقيقية لاعتداء جنسي واغتصاب، وهي جريمة لا تعتبر فقط انتهاكا لحقوق الإنسان فحسب، لكنها جريمة تعد، بالنظر للظروف التي وقعت فيها، ضد الانسانية يحاكم مرتكبوها ومن يحميهم من الجنرالات أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وذكّر في هذا السياق بأن الضحية تقدمت بطلب من أجل الاستماع إليها من طرف البرلمان الأوروبي ورفض الطلب، كما قدمت طلبا من أجل الانتصاف أمام هذه الهيئة ولم يتم الاستماع إليها، “وهو ما يؤكد على ازدواجية المعايير التي تسم تعاطي هذه المؤسسة مع العديد من القضايا”.
وتدارس هذا اللقاء الدراسي العديد من القضايا التي تطرحها الهجمات الممنهجة والادعاءات الكاذبة التي يروجها البرلمان الأوروبي والتي باتت نهجا ثابتا وركنا قائما في أجندته المريبة تجاه المملكة.
وسلطت مداخلات وعروض نخبة من البرلمانيين وممثلي المجتمع المدني، إلى جانب خبراء ومتخصصين في مجال القانون، الضوء على توظيف البرلمان الأوروبي المغرض لقضايا حقوق الإنسان، واستهدافه للوحدة الترابية للمغرب، وكذا الاستغلال المستتر والمشبوه لقضية “بيغاسوس”.
وتجدر الإشارة إلى أن البرلمان المغربي بمجلسيه، أعلن في بيان مشترك أصدره في 23 يناير الماضي، عن قراره إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوروبي وإخضاعها لتقييم شامل لاتخاذ القرارات المناسبة والحازمة، على إثر المواقف الأخيرة الصادرة عن البرلمان الأوروبي تجاه المغرب.
وفي هذا الإطار، بادر البرلمان المغربي إلى إحداث لجنة موضوعاتية تضم ممثلين عن مجلسيه وتُعنى إعادة تقييم هذه العلاقات.