جرى، أمس الأربعاء، توشيح أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية السيد عبد الجليل الحجمري بوسام السعفات الأكاديمية الفرنسي من درجة قائد، وذلك خلال حفل نظم بإقامة السفيرة الفرنسية بالرباط بحضور أفراد من عائلته وأصدقائه.
وأعربت سفيرة فرنسا بالمغرب السيدة هيلين لوغال في كلمة بالمناسبة، عن سعادتها ل”تكريم رجل ينتمي لحقل الأدب والثقافة، ومهني كبير في مجال التعليم يحظى بتقدير الجميع، ومثل طيلة أكثر من 60 سنة، حلقة وصل بين فرنسا والمغرب”.
وقالت إن هذا التوشيح يتوخى منه “تقدير جميع الأشخاص الذين يعملون من أجل النهوض بالمدرسة، وإشعاعها ، ويقدمون مساهمة استثنائية لإغناء التراث الثقافي لفرنسا”.
وفي هذا الصدد، أعربت السيدة لوغال عن “امتنان فرنسا الكبير” للالتزام الاستثنائي للسيد لحجمري لخدمة قضايا البلدين وثقافتهما ولغتهما وتراثهما المشترك”، مسلطة الضوء على مساره المتميز كسفير للثقافتين الفرنسية والمغربية، وأحد الفاعلين في تعزيز العلاقة بين البلدين، والتي أثراها بعزم وشغف”.
وتابعت مخاطبة السيد اللحجمري “بالتزام راسخ، ومسؤولية، عملت بشكل دؤوب على دعم التعليم الناطق بالفرنسية والثقافة الفرنسية بالمغرب، وساهمت في جعل نظام التعليم الفرنسي مرجعا لدى أفراد العائلة الملكية، وبالتالي المساهمة بشكل مباشر في إشعاع فرنسا”.
وأضافت أن السيد الحجمري لطالما أبدى شغفا بالحفاظ على التراث الأدبي والتاريخي للمملكة وعمل ضمن مهامه الوظيفية المتتالية على تمكين أكبر عدد من الأشخاص من الولوج للثقافة.
من جهته، أعرب أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة عن فخره بهذا التوشيح، مضيفا أن “الفضل في هذا التقدير الذي أخجل تواضعي يعود دون أدنى شك، إلى السيدات والسادة أعضاء اللجنة، وممثلي وزارتي التعليم المغربية والفرنسية، ووزارة الشؤون الخارجية المغربية، والسيدة المدرسة الرئيسية لمؤسستننا، والتي واكبت بيسر والتزام دؤوب عملهم ونقاشاتهم “.
وأبرز السيد الحجمري، الذي سبق وأن وشح، منذ أزيد من 30 سنة، بوسام جوقة الشرف برتبة فارس، عقب المفاوضات المغربية – الفرنسية لإرساء الخيار الدولي ثنائي اللغة للباكالوريا الفرنسية، أن ” المغامرة البيداغوجية للبكالوريا الفرنسية الدولية، ولكونها كانت جريئة، كان لها الطموح لإعادة تركيز المؤسسات الفرنسية بالمغرب، من خلال اقتراح تعليم مدعم للغة العربية والآداب العربية، ولتاريخ المغرب وجغرافيته باللغة العربية، بالنسبة للتلاميذ المغاربة ومزدوجي الجنسية والأجانب الذين يرغبون في ذلك، والذين تم تسجيلهم بهذه المؤسسات”.
وسجل أن أي إصلاح بيداغوجي ” ينتهي في خضم توالي الزمن، وبما أن التاريخ لا يعيد نفسه، فقد تم اقتراح نظام جديد للشباب المغاربة ومزدوجي الجنسية والأجانب المعهود إلى المؤسسات الفرنسية بالمغرب مع الأهداف ذاتها المتمثلة في إعادة التركز والاندماج في مجتمعهم”.
وحصل السيد الحجمري، وهو من مواليد الرباط، على الإجازة في الآداب الفرنسية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس، قبل التحاقه بجامعة نانتير بباريس حيث ناقش أطروحة حول موضوع ” صورة المغرب في الأدب الفرنسي من لوتي الى مونترلانت”.
وتولى السيد الحجمري، وهو واحد من كبار مفكري المغرب، وإنسان شغوف بالآداب واللغات والثقافات، مهاما مختلفة بالجامعة، من رئيس قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة محمد الخامس، إلى إدارة المدرسة العليا للأساتذة بالرباط. كما كان وراء إنشاء قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
وقام بنشر العديد من المؤلفات، حيث أثرت كتاباته الرومانسية أو الشعرية أو التاريخية التراث الثقافي للمغرب وفرنسا. وضمن “جمعية أصدقاء غوتنبرغ- المغرب”، واكب السيد الحجمري النهوض بمجال الكتابة بكافة أبعادها.
وفي سنة 2008، أسس جمعية “ضفاف متوسطية”، والتي أضحت بمحترفاتها اللغوية أو مقاهيها الأدبية أو ورشاتها للكتابة فضاء للابتكار والإبداع. كما ترأس جمعية “Vision-Rhoa” التي تعمل لفائدة الأساتذة والطلبة من ذوي الإعاقة البصرية الذين يجدون صعوبة في قراءة النصوص المطبوعة.
وفي 2015، عينه جلالة الملك أمينا للسر الدائم لأكاديمية المملكة. وعلى رأس هذه المؤسسة المرموقة، أشرف الحجمري أيضا على الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة، والمعهد الأكاديمي للفنون، والمعهد الملكي لتاريخ المغرب.
وحصل سنة 2019 ، على “الجائزة الكبرى للفرنكوفونية” التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية، تقديرا له على عمله الدؤوب في خدمة وإثراء العلم والمعرفة والثقافات واللغات بالمغرب.