الأميرة للا مريم تترأس حفلا بمناسبة الذكرى الـ25 لبرلمان الطفل
بعد خمسة أيام على “اختطاف” قوات من سلاح البحرية الإسرائيلي، خضر الصعيدي (31 عاما)، أثناء عمله قبالة شواطئ جنوبي قطاع غزة، عاد الصياد إلى عائلته، مساء الأحد الماضي، بعد أن فقأت رصاصة إسرائيلية إحدى عينيه.
العائلة التي فقدت آثار نجلها “خضر”، وجهلت مصيره، على مدار الأيام الخمسة، اختلطت مشاعرها حينما عاد إلى قطاع غزة، عبر معبر بيت حانون “إيرز” (شمالا)، فاقدا إحدى عينيه، ويعاني من انتكاسة صحية في عينه الأخرى تمنعه من الرؤية لمدة مؤقتة.
ليلة الأربعاء الماضي، وعلى بعد 9 أميال من شاطئ مدينة خانيونس، جنوبي القطاع، اعترض زورق إسرائيلي قارب الصياد “الصعيدي”، بينما كان يبذل جهده ليصطاد أكبر كمية من الأسماك؛ رغم قلة وفرتها في تلك المساحة، كي يجلب بعض الحاجيات لأطفاله الثلاثة الذين يفتقدونه كلما ركب الأمواج.
بدأ الزورق الإسرائيلي في محاصرة قارب “الصعيدي”، وقوارب كانت تحيط به، تبعه إطلاق عشوائي للرصاص المطاطي تجاه الصيادين ما تسبب بإصابتهم عدة إصابات في مناطق متفرقة من الجسد.
أقل من متر، بات يفصل الزورق الإسرائيلي عن قارب “الصعيدي”، فبعد أن دفعه بقوة أطلق الجندي المتواجد عليه النار مباشرة تجاه رأس الصياد، ما تسبب لاحقا باستئصال عينه اليُمنى.
لم يشعر “الصعيدي” آنذاك، بما دار حوله، فالضربة التي وُجّهت إلى رأسه أفقدته الوعي ليستيقظ أخيراً وهو مستلقٍ على سرير في مستشفى عسكري داخل إسرائيل.
داخل تلك الغرفة، وفي لحظات الصحو الأولى لم ير الصعيدي شيئاً بكلتا عينيه، لكنه أدرك لاحقا أن عينه اليُمنى تم استئصالها نتيجة الإصابة.
ورغم تفاقم وضعه الصحي والنفسي، عقب استئصال عينه، كان يجلس على مقربة منه جندييْن إسرائيلييْن يتحاوران ويطلقان ضحكاتهما التي وصفها “الصعيدي” بـ”المزعجة والاستفزازية”.
لكن، كيف للجيش الإسرائيلي الذي يقتل الفلسطينيين بـ”دم بارد”، ويعتدي عليهم، أن يرأف أو يحترم وضع صحيّ لواحد منهم؟ حسب قوله.
وخلال تواجده داخل المستشفى الإسرائيلي، طلب “الصعيدي” مرارا وتكرارا، من الأطباء العاملين هناك، التواصل مع عائلته، لإبلاغهم أنه لا يزال على قيد الحياة، لكن لم يكن هناك أي استجابة منهم.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتم اعتقال الصياد “خضر” أثناء أداء عمله، حيث اعتقل من البحر، في 2017 لمدة عام وثلاثة شهور عقب إصابته برصاص حي في فخذ قدمه، ورصاص مطاطي في أماكن متفرقة من الجسد.
وصادرت البحرية الإسرائيلية آنذاك قاربه الأول، والذي ما زال محتجزا برفقة العشرات من القوارب الأخرى، لدى الجهات الإسرائيلية.
كما اشتكى الصياد الثلاثيني من تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على جميع الصيادين العاملين قبالة شواطئ قطاع غزة، إذ يستخدم سلاح البحرية الإسرائيلية عدة وسائل في الاعتداء كإطلاق النيران، والرصاص المطاطي، ورش المياه العادمة غير المعالجة صوب الصيادين.
**سرقة مصدر الرزق
بعد مصادرة سلاح البحرية الإسرائيلي للقارب الذي كان يقلّ الصعيدي وصديقه، لم يعد هناك أي مصدر دخل لهما.
ويعيل القارب، التي تقدّر تكلفته بنحو 11 ألف دولار أمريكي (القارب بجميع معداته)، نحو 4 عائلات، بواقع 26 فردا، كما قال الصعيدي.
العائلات التي أمضى أفرادها سنوات حياتهم في مهنة الصيد، وانتقلت إلى أبنائهم بالوراثة، يجدون أنفسهم بدون أي مصدر للدخل؛ بعد مصادرة إسرائيل أو إتلافها لمعداتهم البحرية المستخدمة في الصيد.
ويضيف: ” لدى عائلتي نحو 7 قوارب محتجزين عند الجهات الإسرائيلية منذ سنوات طويلة”.
وبحسب نقابة الصيادين الفلسطينيين، فإن إسرائيل ما تزال تحتجز 33 قارب صيد، منذ أكثر من 4 أعوام.
ويمتنع العديد من الصيادين، الذين يعاني معظمهم حالة “الفقر”، من النزول إلى البحر للصيد يوميا بسبب الاعتداءات والملاحقات الإسرائيلية بحقّهم.
ويصف الصعيدي مهنة الصيد بالمهنة “بالغة الخطورة”، نظراً لإمكانية أن يتعرض الصياد خلال أداء مهامه للموت بسبب الاعتداءات الإسرائيلية.
ويناشد الصعيدي “الجهات المختصة بمساعدة نجله لإكمال علاجه من أجل إنقاذ عينه اليُسرى، وتركيب عين صناعية للعين المفقودة”.
وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، إن 95% من صيادي قطاع غزة يعيشون تحت خطّ الفقر.
ومنذ عام 2000، انخفض عدد الصيادين المسجلين في قطاع غزة من 10 آلاف صياد، إلى 4 آلاف فقط.
وبيّن المرصد أن حوالي 200 قارب صيد، و5 قوارب بمحركات صغيرة معطّلة، في ظل غياب المواد والمعدّات اللازمة لإصلاحها.