بقلم: أحمد الشرعي
عودة الملك محمد السادس إلى أرض الوطن بعد فترة نقاهة قضاها خارج المملكة أذكت في المغاربة الكثير من الأحاسيس الجياشة. مشاعر التعاطف بين الطرفين ثابتة، ولا علاقة لها البتة بتقلبات الحياة السياسية.
ارتباط شبه حميمي تمتد أواصره بين ملك وشعب، يستحق أن تفرد له دراسات أكاديمية خاصة، لأنه يرتبط بما هو إنساني، ويتجاوز مسألة الانخراط في مشروع سياسي يظل مع ذلك نقطة التقاء قوية للطرفين معا.
معالم هذه العلاقة تمتد أيضا لكل أفراد العائلة الملكية.العاهل المغربي، ومنذ اعتلائه العرش، أوكل لشقيقه الأمير مولاي رشيد وشقيقاته الأميرات مهاما، لا تدخل ضمن عمل المؤسسات الرسمية التي تسير البلاد، لكنها ترتبط بقضايا تدخل في صميم المعيش اليومي للمواطن المغربي، ضمن رؤى استراتيجية شاملة، لفائدة الفئات الشعبية، من خلال مؤسسات ومنظمات مستقلة، تتكامل مع الأوراش التي ترعاها باقي القطاعات الحكومية.
الأميرة للامريم مكلفة بقضايا الطفولة والمرأة. اقتراحها حول برلمان خاص بالأطفال تحول إلى فكرة تستنسخ في الكثير من بقاع العالم.
الأميرة للاحسناء،ترعى القضايا البيئية، وتباشر عملا دوريا يندرج ضمن مشروع بيئي مواطن، وللا أسماء حاضرة في كل المبادرات لفائدة الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجا، من خلال إشرافها على مؤسسة للاأسماء للأطفال الصم والبكم، فيما يهتم الأمير مولاي رشيد بكل ماهو رياضي، وتحديدا رياضةالكولف،التي يشرف على تسيير جامعتها الملكية بالجدية المفروضة، ويمارسها بأناقة مشهودة، مع مراعاة كاملة لبعدها الحضاري التاريخي.
الأمير مولاي رشيد، وباقي الأميرات، يضطلعون بأدوارهم الاجتماعية في حكمة وتبصر، دون سعي وراء انتشار إعلامي يغطي أنشطتهم.
بالمقابل، وهذا ليس سرا، كل واحد منهم راكم خبرات كبيرة في مجال اشتغاله، لأنهم محاطون بكفاءات عالية أولا، ولأنهم يباشرون أعمالهم بطريقة مهنية. مهامهم ليست بروتوكولية بالمرة، وخطاباتهم لا تكتب بشكل مسبق. إنهم يمسكون بمقاليد المشاريع والرؤى التي تؤطرها بأنفسهم، والتي تدخل في صميم المعيش اليومي للمواطن المغربي، وتقربهم من شرائح اجتماعية مختلفة وواسعة، ضمن إطار محدد وواضح للاختصاصات كما أوكلت لهم سلفا من قبل الملك محمد السادس.
مساهمات الأميرة للا مريم في قضايا الطفولة ألهمت المشرع لوضع قوانين جديدة في هذا المجال، وعززت العمل الجمعوي، فيما نجحت الأمير للا حسناء في وضع المقاربة البيئية في صميم النقاش السياسي في المغرب. الأميرة للا أسماء تقوم بدور مماثل في كل ما يتعلق بالمسنين والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في إطار مؤسستها الخاصة بهذه الفئة. الأمير مولاي رشيد، من جهته، نجح في إخراج لعبة الكولف من سياقها السياحي الراقي، وتحويلها إلى رافعة حقيقية للتنمية المحلية والإدماج، تحديدا عبر تشجيع أطفال كل الفئات الاجتماعية على ممارسة هذه الرياضة.
الاضطلاع بهذه الأنشطة بفعالية ودون بحث عن انتشار إعلامي مقصود، له وقع تاريخي. العلاقة بين العائلة الملكية والشعب المغربي أصبحت شبه شخصية، وترتبط بالبعد الإنساني أكثر من السياسة. غالبية المغاربة تعتبر العائلة الملكية امتدادا لعائلاتها. هذا الارتباط الوثيق عملة نادرة في التاريخ.
هذه العلاقة الوثيقة، العضوية، مكسب كبير للاستقرار في المغرب، ومن المفروض أن تساهم في تهدئة التجاذبات السياسية، وأن تفتح الطريق أمام ترسيخ الديقراطية. علاقة إنسانية خاصة.. هي الدرع الأنسب لحماية مستقبل البلاد.
عن موقع: أحداث أنفو