وشددت هذه الفرق والمجموعات النيابة في تدخلاتها، تعقيبا على جواب رئيس الحكومة، السيد سعد الدين العثماني عن أسئلة آنية بالمجلس حول موضوع “نجاعة سياسات التشغيل ومحاربة الفقر وحماية القدرة الشرائية للمواطنين”، على ضرورة مراجعة الميزانية العمومية من اجل تخصيص قسط كبير من الدعم لمجال التشغيل، والبحث عن أنماط وآليات جديدة لإنعاشه.
وأضافت أن مشكل البطالة في الأقاليم والجماعات، يستوجب حلولا واقعية بعين المكان وليس بالمركز، مقترحة خلق صندوق ضمان لتشغيل الشباب تموله الجماعات الترابية والدولة.
واعتبرت أن إشكالية التشغيل التي تشكل مصدر قلق واحتقان اجتماعي، تتطلب وضع نظام اقتصادي يقوم على دعم المقاولات والطاقات الشابة في مجال التكوين والاندماج في سوق الشغل.
وقالت إن الحلول المقترحة في مجال محاربة البطالة لا تزال غير كافية وتفتقر للنجاعة، كما أن انخفاض إنتاجية الاقتصاد الوطني يحتاج إلى تدابير مستعجلة وناجعة، وإصلاحا شاملا لمنظومة التربية والتكوين، خاصة وأن قدرات المرشحين لسوق الشغل لا تتوافق في الغالب مع متطلبات سوق العمل.
وأكدت هذه الفرق والمجموعات النيابية أن منظومة التعليم لا تتلاءم مع متطلبات سوق العمل، باعتبارها مدخلا أساسيا لتطوير كافة القطاعات، داعية إلى بناء كل المقاربات المرتبطة بالتشغيل على شراكة حقيقية بين كافة الفاعلين، وجعل الابتكار محورا أساسيا لمحاربة البطالة، وتعزيز تنافسية المقاولة المغربية.
وأشارت إلى أن الهدر المدرسي يعد من أبرز مسببات البطالة في المغرب، إضافة إلى عدم القدرة على تكييف منظومة التربية والتكوين في مستوياتها المتعددة مع سوق الشغل، علما بأن نسبة بطالة خريجي التعليم العالي على سبيل المثال خلال الفصل الأول من السنة الجارية، وهي 26 في المئة، تفوق النسبة العامة للبطالة (10,7 في المائة).
وقالت إن إشكالية التشغيل تتطلب أيضا حلولا استثنائية تتجاوز المقاربة الكلاسيكية، من خلال التركيز على القطاعات الاقتصادية الكبرى، وتوسيع حقل المهن الحرة المنظمة، مؤكدة أن تحقيق التنمية رهين بالتقليل من نسب البطالة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي وتقليص معدلات الفقر والهشاشة.
وأضافت أن التشغيل المعتمد منذ الاستقلال على الوظيفة العمومية والقطاع الخاص والتشغيل الذاتي، يعاني اليوم مشاكل عديدة، تتطلب التفكير في جيل رابع من مداخل التوظيف، عبر إرساء آليات لتحسين منظومة التشغيل، ومراقبة ومتابعة الاستثمارات وضخها في مشاريع كبرى مهيكلة، وتوفير وساطة تتماشى مع عدد المؤهلين لولوج سوق الشغل، وخلق سياسة تواصلية مع الأقاليم والجماعات والمنتخبين بشكل أساسي.
وفي هذا الصدد، طالبت الفرق البرلمانية الحكومة باعتماد سياسة عمومية ناجعة قادرة على امتصاص معدلات البطالة والتفكير في آليات مبتكرة لخلق فرص الشغل، وفي مقدمتها القطاع غير المهيكل، وحماية مناصب الشغل القائمة من خلال القوانين المنظمة للعلاقة بين العامل والجهة المشغلة في إطار حوار ثلاثي الأطراف مبني على روابط مهنية متوازنة، إضافة إلى توفير شروط الحماية الاجتماعية والحد الأدنى للأجور لا سيما في القطاع الخاص.
وفي معرض تعقيبها على استراتيجية النهوض بالعالم القروي والمناطق الجبلية والغابوية، أكدت الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين أن ساكنة العالم القروي بحاجة إلى برامج تنموية حقيقية كفيلة بتدارك التأخر الحاصل في برنامج تقليص الفوارق المجالية.
واعتبرت أن تمركز التنمية والاستثمارات في جهات دون أخرى، وغياب برامج تنموية ناجعة تستهدف الساكنة القروية ومحيطها، من أبرز مسببات التفاوتات المجالية والتنموية بين الوسطين القروي والحضري.
وقالت إن معالجة هذا الوضع تتطلب توزيعا منصفا للاستثمارات بين الجهات والأقاليم، ودعم صندوق التضامن بين الجهات، وتفعيل ميثاق عدم التمركز، ومراجعة معايير توزيع الميزانية على الجهات وفق الخصاص، وكذا التزام القطاعات الحكومية بتخصيص اعتمادات مستحقة لتنمية المناطق القروية والجهوية.
وأشارت إلى أن فك العزلة مفتاح لخلق تنمية قروية شاملة، تتجاوز الاختلالات البنيوية والسوسيو- اقتصادية القائمة، وتخلق فرصا للعمل والعيش الكريم وتصون الحقوق المدنية والثقافية للساكنة القروية.
وبخصوص المناطق الجبلية والغابوية، دعت الفرق والمجموعات النيابية بالمجلس، إلى إخراج وكالة تنمية الأقاليم الجبلية إلى حيز الوجود، من أجل إنصاف المناطق الجبلية، وخلق بدائل اقتصادية لتمتيع ساكنتها بالعيش الكريم وتشجيعها على احترام الموارد الغابوية، معتبرة أن تنمية المناطق القروية والجبلية ليست بالامر المستحيل إذا توفرت الإرادة السياسية والموارد البشرية اللازمة.