فيضانات إسبانيا: سانشيز يعرب عن شكره للمملكة المغربية على دعمها لجهود الإغاثة في فالنسيا
هدد عبد الله بوانو بالعودة مجددا إلى الشارع لإرجاع أفاعي جيوب المقاومة إلى جحورها، واعتبر أنه ورفاقه مستعدون لكي يواجهوا الأخطبوط الذي يتكلم عن الحداثة والهوية، وأن النقاش الدائر حول التحملات الخاصة بالقنوات العمومية هو في حقيقة الأمر معركة مفتوحة وحملة منسقة من طرف الجهات التي تكن العداء للعدالة والتنمية قبل فبراير 2011.
إنها باختصار الأفكار التي تنم عن احترام الديمقراطية والآخر، التي عبر عنها نائب برلماني من الحزب الحاكم بمناسبة النقاش الدائر حول الإعلام العمومي بعدما طرحت وزارة الخلفي دفترا للتحملات ولد ردود فعل واعتراضات من داخل الائتلاف الحاكم، ومن لدن المهنيين والمشرفين على الإعلام العمومي.
هذا النقاش كان سيبقى نقاش تشارك فيه جميع الأطراف لأن الأمر أولا وآخرا يتعلق بالتلفزيون العمومية، وباعتبار أن المجتمع المغربي ليس مجتمعا منغلقا فهناك أكثر من تصور لأداء الإعلام العمومي المغربي، وهي مسألة كان من المفروض أن تمر مرور الكرام لو تم احترام حق كل الأطياف والأذواق المغربية في التلفزة المغربية.
كل فرد من المغاربة يجب أن يجد نفسه في التلفزيون، فهناك من يحب البرامج الدينية، وهناك من يحب الأفلام المحلية والدولية، وهناك من يعشق البرامج الترفيهية وحتى في البرامج الغنائية، فالأذواق تختلف.
موقف الجناح الدعوي للعدالة والتنمية من بعض البرامج معروف، وقد عبر عنه أكثر من مرة، وجريدة “التجديد” تعكس فهم العدالة والتنمية للإعلام رغم أنها تعبر عن حركة التوحيد والإصلاح، فلو كان المغاربة يحبون نظرة “التجديد” للحياة لكانت أول يومية في المغرب، ولكنها يومية لا يقتنيها إلا 4500 قارئ على أقصى تقدير.
إذن لماذا تفرض اليوم على المغاربة أن يتحول التلفزيون المغربي إلى “تجديد” بالصوت والصورة؟
فإذا كانت هناك أصوات منزعجة من دفتر التحملات فيجب التعامل معها على أساس أنها أصوات مغربية أولا، لها حقها في التلفزيون الذي يتم تمويله من المال العام ويقدم خدمة عمومية لا مكان فيها للحزب الواحد أو الفكر الواحد أو الثقافة الواحدة أو الرأي الواحد لأنها تلفزة تحيل على الديكتاتورية والمجتمعات المغلقة.
عندما تكلم سليم الشيخ وأدلى برأيه تكلفت المساء بأمر من وزير الاتصال والمسؤول السابق في التجديد بجلده، ولا زالت تجلده وتجلد كل مخالف للخلفي، وهذا حقها لأنها في إطار الفرز اختارت أن تكون مع فهم التجديد للإعلام العمومي، ولكن ليس من حقها أن تفتري على الرجل وتقول أن هناك أنباء تتحدث عن تلقيه تعليمات من أجل التعبير عن المواقف التي عبر عنها حتى تعطي للأمر بعدا آخر، وهو ما تورطت فيه “المساء” سهوا أو التزاما.
نفس الجلد تعرض له سليم الشيخ من يومية أخرى مقربة من جناح داخل العدالة والتنمية، وهو أمر يعبر عن فرز في الساحة الإعلامية بين المحافظة وغيرها، وهو من قبيل صراع الأفكار والتصورات. غير أن دخول الجنرال عبد الله بوانو على الخط يخرج النقاش من دائرته الفكرية والسياسية، ويعطيه بعدا آخر استعملت فيه كلمات مستمدة من القاموس العسكري من طينة المواجهة، الأخطبوط والعودة إلى الشارع، واستعمال أدوات المواجهة السابقة كأن الرجل وصل إلى البرلمان وحزبه وصل إلى الحكومة محمولا على أكتاف الميليشيات والكتائب، ولم يصل إلى الحكومة عن طريق صناديق الاقتراع.
فإذا كانت هناك من حملة منسقة فهي التي يقودها وزير الاتصال، وشبيبة العدالة والتنمية التي دعت إلى وقفة أمام إدارة القناة الثانية، والتهديد بالعودة إلى الشارع هو من قبيل الاستنجاد بغريق، لأن المغاربة صوتوا للعدالة والتنمية لأنها اختارت سبيل الحكمة في الدفاع عن التغيير، وليس لأن 150 شابا من شبابها طافوا في مسيرات 20 فبراير يحملون صور بعض المسؤولين السياسيين في الرباط والدار البيضاء ومراكش، فلو كان الوزن في شارع 20 فبراير هو الذي أعطى الريادة للعدالة والتنمية لكانت العدل والإحسان أولى و أجدر، فقدرتها تتجاوز عشرات المرات قدرة العدالة والتنمية، ومع ذلك فـخيار أو “خيزو” المواجهة لم يفدها في شيء مما جعلها تنسحب من الشارع في انتظار وليمة أخرى.
الجنرال بوانو، زعيم كتائب حاملي اللافتات المصورة في شوارع بعض المدن المغربية ربما يتصور أنه سيد الشارع، وأنه بعد أن أطلق تهديداته وقفت الحركة في كل شوارع المغرب من أجل عيون تلفزيون “التجديد”، ومن أجل تكفير سليم الشيخ وتوزيع صكوك الغفران على الإعلاميين وغيرهم.
إن الأفاعي التي يتحدث عنها هي التي تدفع اليوم من أجل مصادرة البرامج الترفيهية في الإعلام العمومي و تريد أن تعود إلى مرحلة الإملاءات لضرب استقلالية الإعلام، حتى و لو كان عموميا، عن الروح الحزبية العمياء التي لا ترى الآخر إلا في صورة أفعى و أخطبوط و جحور و لا تسمح أريحيتها له كمواطن بالحق في أن يعبر عن تصوره و لو كان مخالف في الإعلام.
و في انتظار أن ينزل الجنرال بوانو و عسكر التجديد للشوارع و يحتلون القناة الثانية و يفرضون هيمنة الحزب على الإعلام العمومي و لا يسمحوا إلا بإشهارات الحبة السوداء و العسل الأسود و الغاسول البلدي و صابون الحجرة و القطران و الشيح و الزعتر البلدي و حبة حلاوة و السانوج البلدي، لتقدم لنا حكومة الإئتلاف الحاكم تصورها الموحد حول التلفزة العمومية ذات التوجه الديمقراطي المتعدد المنفتح، أما تلفزة المزمار فهي في التجديد يراها الناس صباح مساء و لكن لا يحبونها حُبًّا جَمًّا كما يتوهم جنرالات الإعلام و كتائبهم و مليشياتهم في السياسة و الإعلام.
أما سليم الشيخ فقد أصبح من حيث لا تدرون أكثر قوة مما كنتم تتصورون، لقد أصبح رمزا لمغرب التعددية و الحداثة في الإعلام في مواجهة ثقافة المصادرة و تزليج العقول و الأفواه، و إذا كان حزب العدالة و التنمية له فعلا نموذج متطور للتلفزة العمومية فيمكنه و هو الماسك بزمام الأمور أن ينشأ تلفزة جديدة يمارس فيها تصوره و سنرى آنذاك كم من المغاربة سوف يتابع تلفزته و برامجه و لـ”ماروك متري” أن تعلن آنذاك أرقامها على المغاربة.
أكورا بريس