يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
بقلم: خالد أشيبان
يوم الأحد الماضي، وفي نفس اللحظة التي كان يخاطب فيها بنكيران أنصاره بأكوراي (ضواحي مكناس)، كنت أتوجه لجماعة الشراط (ضواحي بوزنيقة) قبل أن أذهل بما رأته عيني بمدخل الجماعة. مجموعة من الفتيات في مقتبل العمر يقفن في صف واحد على حافة الطريق، كل واحدة أمام عربة لبيع “صايكوك” ينتظرن أن يقف أحد المارة لتناول “زلافة” مقابل درهمين أو ثلاثة. سيسألني البعض “ما المشكل إذن ما دامت الفتيات تشتغلن وتكسبن قوت العيش؟”، يصعب الرد لأن المنظر جد مؤلم و بئيس.
ففي نفس الوقت الذي يتباهى فيها السيد رئيس الحكومة بأكوراي بقوة حزبه ويتوعد “العديان” في الانتخابات المقبلة، تقف هذه الفئة من الفتيات وأخريات في جميع مناطق المغرب في ظروف يعلمها الله وحده لتحصيل 10 دراهم في اليوم.
في الوقت الذي انتقل فيه رئيس الحكومة من الرباط إلى أكوراي داخل سيارته المكيفة، كانت هذه الفئة من المواطنين تحترق تحت أشعة الشمس لالتقاط بضع دراهم تحفظ لهن كرامتهن.
في الوقت الذي نسي فيه السيد بنكيران بأكوراي أنه رئيس حكومة كل المغاربة وذهب يحشد الدعم لحزبه، كان الكثير من المغاربة يعانون في صمت لا يملكون إلا الدعاء لربهم لأنهم لا يجدون دواءً لمرضهم ولا يجدون قوتاً لأبنائهم. منظر تلك الفتيات على حافة الطريق جعلني أتمنى لو أن الأرض انشقت وابتلعتني.
هل سبق لأي مسئول حكومي أو محلي، حالي أو سابق، أن خصص خمس دقائق من وقته لمعالجة ظروف هؤلاء المواطنين المغاربة ؟ ماذا قدمت الحكومات السابقة والحكومة الحالية لهؤلاء الناس المضطرين اليوم للوقوف على حافة الطريق في الخلاء لكسب “طرف ديال الخبز” ؟ ماذا سيقول بنكيران وغيره من المسئولين الحاليين والقدامى لرب العالمين عندما يسألهم عن هؤلاء الناس؟ عندما يسألهم عن كل مغربي لم يجد قرص “دوليبران” في المغرب العميق ؟
لم نستطيع بعد في مغرب القرن الواحد والعشرين أن نحفظ كرامة المواطنين، ما زالت النساء تحطبن الخشب وتقطعن المسافات للسقي. ما زال مواطنون في المغرب لا يتوفرون على قنوات الواد الحار، و ما زالت النساء تلدن أمام أبواب المستشفيات.
ما زلنا لم نستطيع بعد حل مشاكل النظافة والنقل داخل المدن، وننتظر من المسئولين إيجاد حلول للشغل والمقاصة والاستثمار. ما زلنا لم نوفر بعد الدواء للناس والغطاء للمستضعفين، وننتظر من مسئولينا النهوض بالثقافة والرياضة والتعليم. ما زال منتخبونا يشترون الأصوات وننتظر منهم خدمة الشعب ومحاربة الفساد.
“إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم” صدق الله العظيم.