حموشي يرأس وفد المملكة المغربية المشارك في الدورة 92 للجمعية العامة للأنتربول بإسكتلندا
أكدت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن قطاع السجون بالمغرب يواجه بالفعل إكراهات وإشكالات ومنها الاكتظاظ٬ مبرزة أن حجم هذه الإكراهات التي تطال مختلف الخدمات الخاصة بالصحة والتعليم والتكوين والتربية الدينية يستوجب تضافر الجهود ومضاعفتها في إطار تعاون على نطاق واسع وشمولي.
ودعت المندوبية العامة في تقرير لها ٬ توصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بنسخة منه ٬ إلى إخراج المرسوم الخاص بتكوين اللجنة التي تضم ممثلي القطاعات المعنية بتنفيذ اختصاصات المندوبية برئاسة المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى حيز الوجود٬ وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة الثانية من الظهير الشريف القاضي بتعيين هذا الأخير.
وأشارت إلى برنامج وضعته في إطار سعيها للقضاء على الاكتظاظ وأنسنة ظروف الاعتقال بهدف تحديث وتوسيع الوعاء العقاري للمؤسسات٬ من خلال بناء سجون جديدة بمواصفات ومعايير حديثة تراعي متطلبات الأمن والإدماج ٬ وتوسعة سجون أخرى٬ واستبدال السجون المتواجدة بالمدار الحضري بسجون جديدة خارج المدار.
وفي هذا السياق٬ يشير التقرير إلى أنه تم تسريع وتيرة بناء ثمانية سجون جديدة٬ مما رفع الطاقة الإجمالية لمساحة الإيواء في المعاقل بنسبة 43 في المائة إذ انتقلت من 82 ألف متر مربع إلى 117 ألف و410 متر مربع٬ ويتعلق الأمر بسجون وادي زم٬ وتيفلت٬ وخريبكة٬ وبني ملال٬ وتطوان٬ وسلا2 ٬ وتولال2 بمكناس٬ ومول البركي بآسفي٬ وضمن هذه السجون هناك من عوضت سجونا قديمة تم هدمها أو إقفالها. وشملت أشغال التوسعة سجونا متواجدة بمدن القنيطرة /المركزي/ ومراكش وأيت ملول وقلعة السراغنة. وبذلك يرتقب أن ترتفع المساحة الإجمالية للإيواء عند نهاية سنة 2012 إلى 127 ألف و700 متر مربع٬ أي بزيادة 8 في المائة من المساحة الإجمالية الحالية٬ وذلك بعد الشروع في العمل ب 7 مؤسسات سجنية في طور البناء٬ بمراكش٬ وآزرو٬ وأكادير ٬ وابن سليمان.
وفي ما يخص استبدال السجون المتواجدة بالمدار الحضري بأخرى خارجه٬ يشير التقرير إلى أن جل هذه السجون التي تمثل نسبة 75 في المائة من مجموع السجون٬ قديمة ومتهالكة ولا تستجيب لشروط الصحة والسلامة والأمن ومتطلبات الإدماج٬ ولذلك٬ واعتبارا لكونها تشكل وعاء عقاريا ذا قيمة مالية مهمة٬ فإن المندوبية العامة بصدد إبرام اتفاقية تعاون مع مديرية أملاك الدولة والمصالح المختصة بوزارة الاقتصاد والمالية والمصالح المعنية من أجل عرض الوعاء العقاري للسجون المتخلى عنها للبيع مما سيمكن من استثمار قسط من العائدات في بناء سجون جديدة بمعايير حديثة وتخفيف العبء عن ميزانية الدولة.
وفي هذا الصدد٬ تم الشروع في دراسات أولية حول بناء سجون جديدة بطاقة إيوائية لا تتجاوز 1300 سرير ٬ كما تم وضع برنامج لاستبدال السجون القديمة المتواجدة بعين قادوس بفاس٬ وطنجة٬ وبولمهارز بمراكش٬ ووجدة٬ وصفرو كمرحلة أولية ٬ وهي سجون تعاني من اكتظاظ حاد يؤثر سلبا على حقوق السجناء وعلى ظروف الموظفين. غير أن المندوبية العامة تشير إلى أن جهودها لتوسيع الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية٬ تصطدم بارتفاع عدد السجناء٬ مما يشكل عائقا أمام تحقيق الأهداف المرجوة من بناء وتوسعة السجون. فمند يناير 2008 وإلى دجنبر2011 ارتفع عدد السجناء من 54 ألف و660 إلى 64 ألف و833 سجينا٬ أي بزيادة تقدر ب61ر10 في المائة ثم ارتفع هذا العدد في الستة أشهر الأولى من 2012 إلي 68 ألف و417 أي بزيادة 3584 سجينا٬ علما أن نسبة السجناء الاحتياطيين تشكل 69ر43 في المائة من مجموع الساكنة السجنية. ولذلك٬ فإن المندوبية العامة ترى ضرورة إعمال سياسة جنائية موازية لجهود البناء وتوسيع السجون٬ تتضمن بدائل للاعتقال الاحتياطي٬ والإسراع في البت في قضايا السجناء٬ وتضمين القوانين الجنائية بدائل للعقوبات السالبة للحرية في القضايا البسيطة.
وفي معرض تطرقها لقضية معاملة السجناء ٬ نفت أن تكون هناك سياسة ممنهجة لتعذيب السجناء ٬مؤكدة أنه كلما وقفت على ما يؤشر على احتمال تعرض سجين ما لسوء معاملة يتم توقيف المتورطين٬ وإحالتهم على المجالس التأديبية٬ فضلا عن إشعار النيابة العامة بهذه الحالات. غير أنها أشارت إلى حالات افتراء على الموظفين لثنيهم عن أداء مهامهم على النحو المطلوب من قبل سجناء يعتبرون التفتيش اليدوي وإجبار المتنطعين منهم باستعمال القوة المجازة قانونا على الدخول إلى زنازنهم تعذيبا.
كما أن بعض حالات سوء المعاملة – يضيف التقرير – تبقى معزولة وترتبط بمدى قدرة الموظف على التحكم في أعصابه أمام استفزازات السجناء.
وعلى صعيد آخر أكد تقرير المندوبية بخصوص الادعاءات المتصلة بالشذوذ والاعتداءات الجنسية احتمال وقوع بعض الاختلالات في هذا الإطار٬ مما يظل معه تقدم الضحايا بشكايات في الموضوع هو الحل الممكن لضبط الحالات وفضح هذه الممارسات اللاأخلاقية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة٬ مشيرا إلى أن تثبيت كاميرات للمراقبة بالزنازين أمر ممكن تقنيا ويتيح إعمال المراقبة ٬إلا أنه يتعارض مع الحق في الحفاظ على الخصوصية الشخصية التي تضمنها القوانين والمواثيق الدولية.
وتقر المندوبية أن ترويج وتعاطي المخدرات ٬ من الإشكاليات الصعبة التي تواجهها المؤسسات السجنية في تعاملها مع السجناء٬ مشيرة إلى أن المعتقلين في إطار قضايا ترويج واستهلاك المخدرات تصل نسبتهم 37ر25 في المائة وهي فئة من السجناء تعاني الإدمان والتبعية لهذه المواد.
وأشار التقرير في هذا الصدد إلى اقتناء المندوبية العامة لعدد هام من تجهيزات المراقبة الإلكترونية التي تمكن فضلا عن يقظة الموظفين من ضبط العديد من الحالات التي يحاول فيها الزوار أو السجناء تسريب المخدرات بطرق احتيالية خلال الزيارة المباشرة أو في قفة المؤونة٬ أو حتى إلقائها من خارج المؤسسة عبر الأسوار الخارجية.
وأفادت المندوبية العامة في نفس السياق بضبط عدد من الموظفين تورطوا في تسريب المخدرات إلى داخل السجون وتم توقيفهم ومتابعتهم قضائيا والتشطيب عليهم من أسلاك المندوبية العامة.
وبخصوص الرعاية الصحية للسجناء وتخطي الانعكاسات السلبية للاكتظاظ على صحتهم٬ أبرزت المندوبية العامة الجهود التي بذلتها من أجل دعم تجهيز السجون بالمعدات الطبية وتحسين التأطير الطبي بتوظيف الأطر الطبية وشبه الطبية٬ حيث ارتفعت نسبة هذا التأطير إلى طبيب لكل 477 سجينا٬ وممرض لكل 270 سجينا ٬ وطبيب في جراحة الأسنان لكل 997 سجينا. وتكلف حصة الأدوية لكل سجين 370 درهما سنويا.
ولم يفت التقرير تسجيل النقص على مستوى تأطير السجناء في ضوء النقص في الموظفين في كافة المستويات السجنية والذي مرده إلى قلة المناصب المالية المحدثة خلال سبع سنوات الأخيرة٬ بالإضافة إلى حذف 309 منصب مالي على إثر المغادرة الطوعية.
وأشار التقرير إلى أن المندوبية العامة تمكنت منذ إحداثها في أبريل 2008 من تحسين التأطير بالمؤسسات السجنية حيث تمكنت من الحصول على 3700 منصب مالي مما مكن من تحسين معدل التأطير على المستوى الوطني من موظف لكل 14 سجين إلى موظف لكل 10 سجناء / المعدل المعمول به في بعض الدول هو موظف لكل ثلاثة سجناء غير أن هذا الرقم ليس معيارا دوليا /. كما أنها لا زالت تطمح إلى المزيد من المناصب المالية لتحسين نسبة التأطير وتلبية حاجيات المؤسسات السجنية الجديدة من الموارد البشرية.
وفي مجال محاربة الرشوة والفساد وتخليق الوسط السجني أشار التقرير إلى جهود المندوبية العامة في مجال محاربة السلوكات المخلة بالقانون٬ كالتعامل غير القانوني مع السجناء وعائلاتهم ٬ وترويج الممنوعات ٬ وسوء السلوك وعدم الانضباط ٬ مشيرا إلى أنه تم اتخاذ إجراءات تأديبية في حق 274 موظفا خلال الأربع سنوات الأخيرة ٬منها العزل والإحالة على التقاعد والتوقيف المؤقت بدون أجرة . كما جرت متابعات قضائية شملت 24 موظفا .
وعلى صعيد آخر٬ سطرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج برنامجا خماسيا للفترة 2012- 2016 في إطار استراتيجيتها الرامية إلى المضي في تحسين وضعية المؤسسات السجنية وأنسنة ظروف اعتقال السجناء٬ وذلك بكلفة إجمالية تقدر ب 2500 مليون درهم.
وحسب التقرير فإن الأولويات المحددة في إطار هذا البرنامج ترتكز على مبادئ الحكامة الجيدة بغية دعم وتحصين المكتسبات والنهوض بأوضاع القطاع ومواصلة تحسين ظروف إيواء السجناء وذلك من خلال بناء مؤسسات سجنية حديثة تغطي الخريطة القضائية للمملكة.
وأشار التقرير في هذا الصدد إلى أن برنامج عمل المندوبية لسنة 2012 يتضمن بناء ست مؤسسات سجنية يصل مجموع طاقتهما الإيوائية إلى 8050 نزيلا٬ وتوسعة مؤسستين سجنيتين تتوفران على فضاءات تسمح بذلك لتصل طاقتها الإيوائية إلى 900 نزيل٬ على أن يتم تنفيذ باقي البرامج خلال الفترة ما بين 2013 و2016.