سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
بإذن مولوي سامي من صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، افتتح الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ، اليوم الأربعاء ، السنة القضائية الجديدة 2022.
وتعتبر الجلسة الافتتاحية تقليدًا قضائياً راسخاً يتولى من خلاله الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام لديها، تقديم حصيلة الأحكام والقرارات الصادرة، والتعريف بالاجتهاد القضائي المعتمد خلال السنة، وإبراز الجهود المبذولة من طرف قضاة المملكة.
وكانت الجلسة فرصة للتقييم الموضوعي لمستوى الخدمات القضائية، ومناسبة لعرض الأهداف الاستراتيجية والمشاريع المستقبلية للمجلس من أجل تحقيق الجودة والنجاعة القضائية، وخدمة أمثل لمصالح المواطنين، وتقوية خدمة العدالة للأهداف التنموية الكبرى.
في هذا السياق، أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض محمد عبد النبوي أن محاكم المملكة تمكنت ، بالرغم من استمرار جائحة كورونا وتحوراتها المزعجة ، من إصدار أحكام في 3.858.046 قضية مختلفة، أي بنسبة 100.02 في المائة من عدد القضايا الجديدة المسجلة خلال سنة 2021 والتي بلغت 3.857.389 قضية. ورغْم أن المحاكم قد تمكنت من تحقيق هذه النِّسبة الجيدة، فإن 753.315 قضية قد ظلت تروج بجلسات المحاكم في نهاية السنة. وهي تُمثل 16 في المائة من مجموع الملفات الرائجة خلال السنة والذي بلغ 4.611.236 قضية. وهو من الملفات الرائجة غير مسبوق من قبل.
وبحسب بلاغ للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، فإن الرئيس الأول نوه بالجهود التي بذلها قضاة المملكة، بحيث رفعوا عدد الأحكام التي أصدروها ب 44.40 في المائة عما أنتجوه سنة 2020، واستطاعوا بفَعاليتهم أن يواجهوا تحديات تضخم القضايا المسجلة سنة 2021، والتي ارتفع عددها عن السنة السابقة ب 38 في المائة.
وأبرز كذلك أن ارتفاع عدد القضايا الرائجة بالمحاكم قد زاد ب 34 في المائة عن سنة 2020، وهو ما يدعو ، يقول البلاغ ، إلى دعم السلك القضائي بقضاة جدد خلال السنوات القليلة القادمة، “إذ أن دَوْر القضاء لا يكمن فقط في الحكم في القضايا داخل أجل معقول، ولكن بالأساس في إصدار أحكام عادلة، تُعطَى لدراستها العنايةُ اللازمة، مما يقتضي تحديد عدد القضايا بالنسبة لكل قاض في الحد الأدنى المناسب لقدرات القضاة، وتوفير الوقت اللازم لهم لدراسة القضايا والوثائق دراسة جيدة قبل إصدار الأحكام”.
وفي مجال آخر، أفاد الرئيس الأول أن محاكم المملكة عقدت خلال السنة الفارطة 19.700 جلسة عن بُعد، أدرجت بها أكثر من 425 ألف قضية، مَثَلَ فيها معتقلون أمام المحاكم عن بُعد، لأكثر من 494.760 مرة. وقد مكنت هذه الإجراءات من إصدار أحكام في 145.581 قضية، أي في 34 في المائة من القضايا المدرجة عن بعد.
وبالنسبة للعمل القضائي بمحكمة النقض، أضاف السيد عبد النبوي أنه قد راج أمام غرفها خلال سنة 2021 ما مجموعه 90.948 قضية، وهو ما يمثل 2 في المائة من القضايا الرائجة بالمحاكم. ورغم أن قضاة المحكمة قد استطاعوا خلال هذه السنة إصدار حوالي 45.304 قرار بمعدل يناهز 300 قرار لكل مستشار وهو رقم غير مسبوق، كما أنه يمثل 92.61 في المائة من المسجل الذي بلغ 48.919 قضية، فإن المحكمة قد استأنفت أشغالها في مطلع السنة الجارية، وفي سجلاتها 45.644 ملفاً مخلفاً عن السنوات السابقة. وهو ما ينذر بمواجهة صعوبات في تدبيرها.
من جهة أخرى أبرز الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المجلس تبنى استراتيجية عمله الأولى للفترة ما بين 2021 و2026. وقد استهدفت هذه الاستراتيجية إتمام تأسيس هياكل المجلس وتأطير علاقاته بالقضاة وبالمحيط وبمؤسسات العدالة، بالإضافة إلى إسهامه في النجاعة القضائية ودوره في تخليق القضاء وتأطير المسؤولين القضائيين والقضاة للحفاظ على قضاء مستقل محايد متجرد، متشبع بالقيم الأخلاقية الفضلى وبالنزاهة والاستقامة، ومحافظ على المبادئ الناظمة لمهنة القضاء، كما حددها الدستور والقانونان التنظيميان للمجلس والنظام الأساسي للقضاة.
كما تطرق للبرنامج المعلوماتي الذي يتم إطلاقه بتزامن مع الجلسة الرسمية لافتتاح السنة القضائية الجديدة، والمتعلق بنشر الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض على الموقع الإلكتروني. “وهي مبادرة طال انتظارها من قبل القضاة والمحامين وباقي المهتمين، تتحقق اليوم وفقاً لتوجيهات جلالة الملك. ويراد منها توفير الاجتهاد القضائي للجميع وبالمجان، باعتباره إطاراً لتحقيق الأمن القضائي وتعميم اتجاهات محكمة النقض”.
ومن أجل المساهمة في تأطير سلوك القضاة والتزامهم بالأخلاقيات المهنية وتنبيههم إلى الإخلالات المهنية، أعلن الرئيس المنتدب عن نشر قرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المادة التأديبية عبر الإطار الرقمي المخصص للقضاة بموقع المجلس. وهو ما سوف يسهم في تنمية إحساسهم بالمسؤولية المهنية وتنبيههم إلى الالتزامات الأخلاقية، مما سينعكس إيجاباً على تطبيقهم لمدونة الأخلاقيات، واحترامهم للالتزامات المهنية.
من جانبه أكد الوكيل العام للمك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي أن سنة 2021 بالنسبة لمحكمة النقض كانت سنة جيدة ومتميزة، بذل خلالها قضاتها وأطرها جهداً إضافياً وعملاً دؤوباً من أجل الحفاظ على المكتسبات السابقة والتقليص من عدد القضايا المخلفة، حيث تم البت في 45304 قضية، أي بزيادة 4743 قضية عن سنة 2020.
وبحسب الوكيل العام للملك، فإن تأثير (كوفيد 19) إذا كان انعكس على عدد القضايا الجديدة المسجلة خلال سنة 2020، حيث تم تسجيل 31448 قضية، أي بأقل من عشرين ألف قضية عن سنة 2019 التي بلغ فيها عدد القضايا المسجلة 51591 قضية، فإن سنة 2021 عرفت تسجيل 48919 قضية جديدة منها 27139 قضية زجرية، بزيادة 17471 قضية مقارنة بسنة 2020.
وأحيلت على النيابة العامة بمحكمة النقض خلال سنة 2021 ، يقول الوكيل العام ، من أجل الدراسة وتقديم المستنتجات الكتابية 45304 قضية، وهو رقم يساوي عدد القضايا المحكومة، أي بمعدل سنوي يزيد عن 1400 مذكرة معللة لكل محام عام.
وعلى مستوى ترشيد الاعتقال الاحتياطي، اعتبر السيد الداكي أن أهم ما طبع السنتين الفارطتين بخصوص تقييم تنفيذ السياسة الجنائية في مجال مكافحة الجريمة هو الارتفاع الملحوظ في معدلات الاعتقال الاحتياطي الذي بلغت نسبته لغاية النصف الأول من سنة 2021 حوالي 46 في المائة. وهو ارتفاع يعزى بالأساس إلى تداعيات جائحة (كوفيد 19) ورفض مجموعة من المعتقلين الاحتياطيين لمحاكمتهم عبر تقنية المحاكمة عن بعد، الأمر الذي انعكس سلبا على وتيرة البت في قضاياهم، فضلا عن عدم تعميم اعتماد معايير موحدة في إصدار الأوامر بالاعتقال في بعض الجرائم غير الخطيرة.
وأفاد بأن رئاسة النيابة العامة عملت ، لهذا السبب ، على التنسيق مع المسؤولين عن النيابات العامة من أجل مضاعفة جهودهم الرامية إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي، حيث نظمت لهذه الغاية خمس دورات تكوينية جهوية حول الموضوع استفاد منها حوالي 619 قاضيا ومسؤولاً بالنيابة العامة، بالإضافة إلى مجموعة من قضاة التحقيق، ورؤساء الهيئات القضائية التي تبت في قضايا المعتقلين، فضلا عن مشاركة بعض نقباء هيئات المحامين، وضباط الشرطة القضائية والمفوضين القضائيين وممثلي المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
وأكد رئيس النيابة العامة أن هذه المجهودات مكنت من تخفيض نسبة الاعتقال الاحتياطي في نهاية سنة 2021 إلى 42 في المائة من مجموع الساكنة السجنية البالغة 88941 سجيناً، بعد أن كانت قد وصلت إلى حوالي 46 في المائة، داعيا ، بالمناسبة ، إلى الاستمرار في بذل كل الجهود الممكنة لمواصلة ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتصفية قضاياه في توازن تام بين مكافحة الجريمة وضمان حريات الأشخاص المشتبه فيهم تكريسا لقرينة البراءة.
وكشف رئيس النيابة العامة أن النيابات العامة لدى محاكم المملكة سجلت برسم سنة 2021 ما مجموعه 522.883 شكاية جديدة، سجلت منها النيابات العامة لدى محاكم الاستئناف 23.155 شكاية، فيما سجلت المحاكم الابتدائية 499.728 شكاية، مشكلة بذلك ارتفاعا إجماليا يقدر ب 24 في المائة، مقارنة بعدد الشكايات المسجلة خلال سنة 2020، والتي كان عددها 421.048 شكاية.
وأضاف أن تظافر جهود قضاة النيابة العامة وأطرها ومصالح الشرطة القضائية المكلفة بإنجاز الأبحاث، أدى إلى تصفية 517.460 شكاية من مجموع الرائج خلال سنة 2021 والمحدد في 679.080 شكاية، لتتحقق بذلك نسبة إنجاز تقارب 77 في المائة، بارتفاع ملحوظ مقارنة مع سنة 2020 التي تم خلالها تحقيق نسبة 72 في المائة من مجموع الرائج، “والتي تعتبر نسبة جيدة إذا ما استحضرنا الظروف الاستثنائية التي عاشتها بلادنا ولا تزال، والمرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد”.
ومن جهة أخرى، أعطى الرئيس الأول لمحكمة النقض الإشارة للمسؤولين القضائيين على محاكم الاستئناف لافتتاح السنة القضائية بدوائر نفوذهم يومي 31 يناير وفاتح فبراير 2022.
وخلص البلاغ إلى أن الافتتاح الرسمي للسنة القضائية الجديدة، أعقبه تقديم عروض همت استراتيجية عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية للفترة 2021-2026، والبرنامج المعلوماتي لنشر قرارات محكمة النقض للعموم، ونشر المقررات التأديبية في الفضاء الخاص بالقضاة، والبوابة الجديدة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
كما توج اللقاء بتوزيع الأوسمة المنعم بها من لدن جلالة الملك على قضاة محكمة النقض.