Agora.ma
أكد المحلل السياسي وأستاذ القانون مصطفى السحيمي أن الدينامية الاجتماعية والاحتجاجية التي تحرك وتعبئ الشعب الجزائري سنتنصر في النهاية على نظام “متحجر”، “يعاني من الجمود”.
وأبرز السحيمي في رسالة مفتوحة موجهة إلى الرئيس الجزائري “المدعو” عبد المجيد تبون، أن ” +النظام+ الذي تمثلونه غير قابل للإصلاح طالما أن المصالح التنظيمية تستثني كل +تحديث+، فهو متحجر ومصاب بالجمود. لكن إلى متى؟ أليست هذه صورة ترمز لنظام لاجئ ومختبئ في “قبو” لستم فيه سوى مأجور ملحق بإعادة تدوير مادة، لم يعد الشعب الجزائري يرغب فيها”.
وكتب السحيمي في هذه الرسالة التي نشرها الموقع الالكتروني “كويد.ما”، أن “هذا الشعب يمضي قدما، فالدينامية الاجتماعية والاحتجاجية التي تحركه وتعبئه ستنتصر في النهاية، من أجل جزائر يطمح إليها كل الجزائريين وكل المغاربيين”.
وأضاف السحيمي “إجمالا، أنتم لا تحترمون شيئا، لا مواطَنةَ ولا كرامة الجزائريين، ولا حقوقهم وحرياتهم، ولا حتى دستوركم الذي رفضته غالبية الشعب، بمعدل من المصوتين بلغ 23,14 بالمائة، من أصل 5 ملايين و661 ألف و547 مصوتا ضمن قاعدة انتخابية تبلغ 24 مليون و466 ألف و618، فيما صوت ثلث هؤلاء المصوتين ب”لا”.
ومضى السحيمي قائلا “كيف سأخاطبكم ؟ وبأي صفة ؟ رئيس الجمهورية الجزائرية؟ إنه أمر صعب بل غير مناسب: فبنسبة 10 بالمائة الهزيلة التي حصلتم عليها خلال انتخابكم في 13 دجنبر 2019، تصبح هذه الصفة البروتوكولية والمؤسساتية في غير محلها”، معتبرا أنها تعد “بمثابة إهانة” لهذا الشعب الشقيق الذي يواصل التعبئة والنضال من أجل انتزاع واسترجاع حقوقه وحرياته منذ ستة عقود.
وتابع “ماذا إذن ؟ المواطن تبون- وهي صفة غير مقبولة أيضا ولا يمكن الدفاع عنها، اعتبارا لمساركم ولأفعالكم على رأس هذه الدولة الجارة”.
وفي هذا الصدد، أبرز المحلل السياسي أن عبد المجيد تبون في” حالة إنكار، إنكار للحقائق، وإنكار للوقائع، وإنكار لمسؤوليتكم أمام الشعب الجزائري”.
وأكد “أن الفضل في منصب الرئيس المفترض الذي تشغلونه حاليا، لا يعود إلى معادلتكم الشخصية الشفافة، ولا إلى شجاعتكم النضالية ولا إلى مبادئكم، وإنما يرجع إلى الجنرالات وعلاقاتهم مع اللوبيات العسكرية-الانتهازية”، مشيرا إلى أن “الغطرسة والسخافة تجعلكم تكررون أن الحراك +مبارك+”. ياله من مفهوم غريب للمباركة!.
وأضاف السحيمي “لقد اخترتم أنتم ونظامكم أن تواجهوا بالقمع المطالب السلمية والمشروعة لملايين الجزائريين التي رفعها الحراك منذ 19 فبراير 2019”. “أليس ذلك مثيرا للدهشة: إن القمع هو أسلوب الحكامة الذي يميز أتباعكم وأنصاركم”.
وبعد أن ذكر السحيمي بأن الأمين العام للأمم المتحدة “حذركم على سياستكم في 5 مارس و11 ماي 2020، وكذلك الشأن بالنسبة للبرلمان الاوروبي، دون إغفال منظمة العفو الدولية والعديد من المنظمات غير الحكومية المدافعة على حقوق الإنسان”، أبرز أن الجميع “طالبوا بالتوقف الفوري عن الاعتقالات التعسفية والقمعية”.
ومضى قائلا: “كل تلك الجهود ذهبت أدراج الرياح في ظل استمرار سياسة الهروب إلى الأمام وكذب الدولة. فبالرغم من مصادقة البلاد على الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان، تواصلون تجاهلها عنوة ولا تعيرونها أي اهتمام. ويبقى الخرق المنهجي لهذه الاتفاقيات هو القاعدة، بل وفي ظل إفلات تام من العقاب”.
وأضاف السحيميي “عار عليكم! وياله من عار! إن قمعكم على جميع المستويات لا يستثني أحدا، فالاعتقالات والأحكام التعسفية تطال الصحافيين والمثقفين وكذا المناضلين السلميين، والمدونين والقاصرين و… حتى المعاقين”، موضحا أن الجزائر العاصمة محاصرة بقوات الأمن، حيث يتم إيقاف كل شخص غير مقيم في العاصمة – إنها حالة حصار غير معلنة”.
وأبرز أنه تم منع كل المواقع الالكترونية الاخبارية الناقدة، كما تم حظر الولوج إلى عشرات الجرائد على الانترنت.
وأضاف “أي مأساة هاته! وأي انحطاط سياسي وأخلاقي! لكن التاريخ سيقول كلمته حتما إزاء هذا المشروع المجتمعي لـ”الجمهورية الجديدة”، لا مجال للشك في ذلك..”، معتبرا أن “هذه الصفحة من التاريخ المأساوي للجزائر، ينبغي أن تقرأ، ولا أن تطمس”.
وقال “إنها متوهجة: وهي إدانة لأفعالكم أو لأفعال من تغطون عنهم بجبن حتى لا تثيروا استياء الجنرالات”.
وفي هذا الإطار، ذكر السحيمي ببعض أحداث القمع السيئة كتلك التي لحقت بالطفل القاصر سعيد شتوان الذي يبلغ 15 سنة، أو وفاة الدكتور كمال الدين فخار الناطق باسم منطقة “مزاب” خلال اعتقاله، والصحافي محمد تمالت، والإفراج عن عشرات من المعتقلين ثم اعتقال مئات آخرين بنفس التهم في إطار عفو رئاسي، دون إغفال اعتقال ثم سجن أكثر من ألفي شخص في أقل من أسبوعين.
وأكد أن الأمر لا يتعلق ب+أخبار زائفة+ بل بمعلومات كشف عنها سعيد صالحي نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، مشيرا إلى “ارتفاع عدد معتقلي الرأي إلى أكثر من 180”.
والأدهى من ذلك – يضيف السحيمي- فإن الأحزاب السياسية والجمعيات تعاني من وضع استثنائي، وتتعرض للتهديد بالحل كما تخضع للترهيب والتهديدات. وهمت هذه المضايقات على سبيل المثال حزب المحامية زبيدة عسول (حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي)، وحزب العمال الاشتراكي، بالإضافة إلى جمعية (راج) .
“وقال إن الأكثر من ذلك، هو دعايتكم التي تدين تصرفات الجالية الجزائرية، التي تنشر وتسلط الضوء على عمل الحراك لدى الرأي الدولي والهيئات الدولية، إلى حد أنكم وصفتموها بأنها + عدو للأمة + و + تعمل لصالح قوى أجنبية + “.
وأوضح أن”وزيركم في العدل ذهب إلى أبعد من ذلك وتمادى في العار والخزي، بعد تقديمه لمشروع قانون يسحب الجنسية الجزائرية عن المقيمين بالخارج الداعمين للحراك”.
وقال السحيمي “وفي المنحى نفسه، أدرج مجلسكم الأعلى للأمن على لائحة المنظمات الإرهابية تشكيلتين سياسيتين مثل حركة الحكم الذاتي بالقبايل بزعامة فرحات مهني وحركة “رشاد” التي تم إحداثها سنة 2007، والتي يعتبر محمد لعربي زيتوت الديبلوماسي السابق اللاجئ في لندن أحد مؤسسيها- والتي تدعو إلى مبادئ السلمية ونبذ العنف.
وتساءل السحيمي “أين هو الإرهاب إذن؟” “إنه بالأحرى من جانب أتباعكم الذين يحاولون بكل السبل تشويه سمعة الحراك والذين يسعون إلى طمس الأمور من خلال اقتراع البرلمان المقرر بعد بضعة أيام في 12 يونيو الجاري”.
( و . م . ع ) – (مصطفى السحيمي)