دعا وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى مبادرة عالمية طارئة لمواجهة التدهور المقلق للتنوع البيولوجي الذي يهدد المنظومات البيئية في العالم أجمع، وذلك بمناسبة القمة الأولى للأمم المتحدة حول التنوع البيولوجي التي نظمها بنيويورك، عبر تقنية الفيديو، رئيس الجمعية العامة.
وأكد الوزير، في كلمة له خلال هذه القمة، أنه “بما أن التنوع البيولوجي يشكل جزءا من أجندتنا متعددة الجوانب، فقد حان الوقت لكي تجد هذه القضية مكانتها في إطار مبادرة جماعية متوافق بشأنها، وتعاون تضامني ونمط عيش مستدام من شأنه وضع حد للنزيف الحالي. فالأمر يتعلق ببقائنا ومصير الأجيال المقبلة”.
واعتبر بوريطة، في ختام هذه القمة العالمية المنعقدة يوم الأربعاء، أن السياق الحالي المتسم بتفشي كوفيد-19 ذكر بالترابط الوثيق بين صحة الإنسان والطبيعة، معتبرا أن حماية المنظومات البيئية من خلال الحفاظ على التنوع البيولوجي يشكل، في الحقيقة، وسيلة للوقاية والتصدي للجائحة.
وأضاف الوزير أنه “إذا كان الاهتمام العالمي منصب حاليا على تداعيات الأزمة الصحية، فإن التنوع البيولوجي لا يجب أن يفقد أولويته. فحماية المنظومات البيئية ليست ضرورة فحسب، وإنما مسألة ملحة”، مبرزا أن المعطيات حول تدهور التنوع البيولوجي عبر العالم “مثيرة للقلق”، ولا يجب أن “توقظ وعينا فحسب، بل يجب أن تدفعنا نحو العمل”.
وأشار بوريطة إلى أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، انتهج سياسة وطنية رائدة في مجال التنوع البيولوجي، موضحا أنه في هذا الإطار تندرج الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي، وكذا التقييم الوطني للتنوع البيولوجي وخدمات المنظومة الإيكولوجية.
وذكر الوزير أن جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أطلق مؤخرا، وتحديدا في فبراير 2020، استراتيجيتين جديديتين وهما “الجيل الأخضر 2020 – 2030” و”غابات المغرب”، تهدفان أساسا إلى تعزيز المكتسبات وإشراك كافة الفاعلين في الحفاظ على التنوع البيولوجي، مضيفا أنه في نفس السياق تم إطلاق مشروع رائد لغرس 10 آلاف هكتار من أشجار الأركان على مدى ست سنوات وذلك بغلاف مالي مجموعه 49,2 مليون دولار تم تمويله بشكل مشترك بين المملكة المغربية والصندوق الأخضر للمناخ.
وأشار إلى أن المغرب التزم أيضا بتقديم مشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يهدف إعلان يوم دولي لشجرة الأركان، وهي نبات مستوطن ورمز لتنوعه البيولوجي الموروث، مشيرا إلى أن المملكة قد أدرجت ضمن أولوياتها إرساء الحكامة، وتعزيز الشراكات، وإعداد خرائط ذكية للتنوع البيولوجي، فضلا عن نظام للرقابة والوقاية. وأكد السيد بوريطة أنه إدراكا منه أن التنوع البيولوجي هو تراث عالمي غير قابل للتجزيء، فقد انضم المغرب إلى أشقائه الأفارقة لوضع الحفاظ عليه في صميم تفعيل لجان المناخ الثلاث، المنبثقة عن قمة العمل الإفريقية لفائدة انتعاش قاري مشترك، والتي عقدت بمبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في نونبر 2016، على هامش قمة المناخ (كوب 22) في مراكش.
وأعرب عن الأسف لكون القارة الإفريقية، التي تكتسي أنظمتها البيئية أهمية عالمية، لا تحصل على كل المكاسب الناشئة عن رأسمالها الطبيعي، موضحا أن التنوع البيولوجي في إفريقيا يشهد تدهورا ينذر بالخطر. وسيؤدي الاستغلال المفرط والتدهور إلى فقدان 50 في المئة من أنواع الطيور والثدييات، وما بين 20و 30 في المئة من إنتاجية بحيراتها بحلول نهاية القرن.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن الرهان الرئيسي لهذه القمة الأولى بشأن التنوع البيولوجي هو خلق “دينامية سياسية” تؤدي إلى إنشاء إطار طموح للتنوع البيولوجي لفترة ما بعد 2020 ويمكن اعتماده في مؤتمر الأمم المتحدة القادم حول التنوع البيولوجي (كوب 15) الذي سيعقد في شهر ماي في مدينة كونمينغ بالصين.
وتبنى أزيد من 70 بلدا، من بينها المغرب عشية قمة الأمم المتحدة حول التنوع البيولوجي التزاما لقادة العالم من أجل الطبيعة، بهدف تنفيذ تدابير حاسمة للحفاظ على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي العالمي بحلول عام 2030.