agora.ma
بعد تواريه عن الأنظار ودخوله في عَطالة سياسية منذ “استقالته” من رئاسة جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، عاد إلياس العمري، الأمين العام الأسبق لحزب التراكتور، يبحث عن الأضواء، من خلال “مقال رأي” نشره يوم 7 أبريل 2020 تحت عنوان “كورونا و الإنسان الجديد”، على حائطه الفايسبوكي وموقع “لكم”، قبل حذفه ساعات قليلة بعد نشره، يقول فيه بأن هذا الوباء سيغير وجه العالم، كما سينهي، لا محالة، الشرعيات التقليدية في أنظمة الحكم سواء كانت هذه الشرعيات دينية أو وراثية أو انتخابية.
فإن كانت أسباب حذف المقال تبقى مجهولة إلى حد الآن، فإن الإجماع كان على أن التكوين الأكاديمي “المتواضع جدا” للرجل لا يسعفه على ديباجة مقالات الرأي، علما أنه انقطع مبكرا عن الدراسة، رغم ادعاءاته المتكررة أنه حاصل على شهادة تعادل الباكالوريا بالإضافة إلى ماستر في الفلسفة وإنه يُعِدُّ لأطروحة “دكتوراه” بإحدى الجامعات السويسرية.
فالعمري كان دائما يتفادى الإجابة عن أسئلة الصحفيين بخصوص مستواه الدراسي ويتعلل بكون أكبر القادة السياسيين لهم مستويات دراسية متواضعة. ففي تصريحاته للصحافة كان إلياس يعيد نفس الأسطوانة المشروخة “إنه مُنِعَ وخْرَجْ من السَّكْويلَة من مستوى الكَاتْرْيَامْ (الثالثة إعدادي)، من أجل النضال، وبعدها بسنوات تابع تكوينا في التسيير بَاشْ يَتْرَقَّع شوِيَّة كمسؤول بإحدى شركات الورق، وبأنه يحضر الآن لأطروحة دكتوراه اختار لها كعنوان “الإخوان المسلمين، مابعدما اصطلح عليه بالربيع العربي”.
مقبولة منك أَسِّي إلياس…رغم أنه كان حريا بك أن تسجل رسالة دكتوراه، هذا إذ ما كان كلامك صحيحا تخص على الأقل الرفاق لا الإخوان بحكم أنك مناضل سياسي سابق بصفوف اليسار أو حول موضوع القهرة والمآرب السياسية، خاصة وأنك قلتها أكثر من مرة بأن القهرة وشظف العيش هُومَا لِنَزْلوكْ إلى الساحة السياسية، لتضمن لك موطئ قدم وسط “عِلّيَةَ القوم”، بعدما كنت أول مَنْ دَارْ “لْفَرَّاشَة” في الشمال وانتقلت بين المدن وامتهنت “بيع الخضر” بالقامرة بالرباط – و القول لك – وتقاسمت بيتا مكترى مع أكثر من ستة أشخاص وبأنك ابن رجل مُعدم ليس كالرفيقة نبيلة منيب التي ازدادت وفي فمها ملعقة من ذهب -والقول لك ، قبل أن تتحول بقدرة قادر إلى أحد أثرياء البلد – من أين لك هذا؟ -ماشي مشكل أَسِّي إِلْيَاس..فَلْنُسَلِّم بأنه ورغم تشبعك بالفكر الماركسي والشيوعي، فإنك تحن إلى خبز أمك بقرية امنودي بالحسيمة وجلباب أبيك الفقيه الذي كان يَؤُمُّ الناس بمسجد المدينة وتريد أن “تٌؤًسِلمَ” بحثك الأكاديمي الذي لا نعرف عنه سوى ما صرحت به لموقع “بديل” ولرضوان الرمضاني، بأنك سجلت دكتوراه تتعلق بمعاقل الإسلام السياسي، لكن الخوض في شرعيات أنظمة الحكم يحتاج إلى سلطة معرفة لا إلى معرفة أحد الأقلام وإقحامها في مواضيع تكاد لا تعنيها، في الوقت الذي يعيش فيه صاحب القلم “المُعَار” حَجْراً ماليا بسبب الضائقة المالية التي يمر منها والتي تعتبر أكثر سوءا من الأزمة التي تخبط فيها عندما تخلت عن خدماته إحدى القنوات الإذاعية الشهيرة التي تبث برامجها انطلاقا من واشنطن .
فحتى أصدقاء إلياس القدامى ومن ركب معه الجرار لم يستسيغوا المقال الذي انبعث به من تحت الرماد في زمن كورونا ومنهم من ذكرنا بتواضع تكوينه ومنهم من تساءل عن توقيت خرجته، ومنهم من اتهمه ب “النّْقْلَة”.. وشهد شاهد من أهل بيته السياسي القديم.. يقول بالحرف عبد اللطيف الغلبوزي، أحد قيادي تيار المستقبل داخل “البام” و عْشِيرُو القديم في تدوينة نشرها عبر حسابه الفايسبوكي، في تعليقه عما نشر إلياس، ” بلا ماتسمي الأسماء بمسمياتها.. في عالم الأدب والفكر والعلوم، تستطيع أن تقبل بكل شيء، إلا أن تقبل بأن يستعيض أحد ما بقلم أحدٍ آخر، فيوقع نصا بإسمه”، في إشارة إلى أن المقال ليس من تحرير الأمين العام السابق لحزب التراكتور.
لقد كان حريا بمنجم علم المستقبليات الذي تنبأ بنهاية الشرعيات التقليدية، سواء المتوارثة أو المستمدة من الدين، أو القائمة على صناديق الاقتراع، أن يتنبأ بمستقبله المليء بالكبوات السياسية وبنهاية هولدينغه الإعلامي “آخر ساعة”، والذي استثمر فيه ملايين الدراهم.
ربما للرجل فعلا قراءة متبصرة للمستقبل لأنه استقال من رئاسة جهة طنجة – تطوان – الحسيمة دون تقديم أي حسابات للسلطات المختصة، وتوارى إلى الخارج، واستقال شهورا قليلة قبل قدوم رجال جطو للتقصي حول الاختلالات التي تعرفها ميزانية واحدة من أهم الجهات بالمملكة، والتجاوزات التي شابت تفويت بعض الصفقات العمومية بشمال المغرب، وكذلك منح سيارات الدولة للبرلمانيين ورؤساء الجماعات المحلية بالمنطقة واستغلالها في أغراض شخصية، وقبل ذلك الاستقالة من الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، ودون تقديم الحسابات بالنسبة لهياكل الحزب… ويبقى دائما مبرر التَّوارِي أسباب شخصية. أهو الحدس والهروب من الوقوع في الفضيحة أم أن الرجل يستحق فعلا لقب “مستشرف” مع العلامة الكاملة ؟!.
أخاف أن يتحول متعدد القبعات إلياس العمري إلى مهندس معماري فيصدق فيه قول ماركس وهو المتشبع بالفكر الماركسي ” ما يميز أسوأ مهندس معماري عن النحلة الأكثر خبرة، هو أنه قد بنى الخلية في ذهنه قبل بنائها في الواقع”..فالواقع شيء يا إلياس..ومايروج في ذهنك شيء آخر..