قضت المحكمة العليا الاسبانية الاثنين بسجن تسعة قياديين انفصاليين في كاتالونيا ما بين تسعة و13 عاماً بسبب دورهم في محاولة الإقليم الانفصال عن إسبانيا عام 2017، في حكم يهدد بعودة التوتر للمنطقة التي تشهد اضطرابات على خلفية المطالبة بالاستقلال منذ عقد.
ويعيد قرار المحكمة العليا ملف كاتالونيا إلى صلب النقاش السياسي في إسبانيا قبل أقل من شهر على الانتخابات التشريعية المقررة في 10 تشرين الثاني/نوفمبر.
ودعا رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز إلى بدء “مرحلة جديدة” في كاتالونيا قائمة على “الحوار”، بعد صدور الأحكام. وقال في خطاب الاثنين “لا أحد فوق القانون” و”لم يحاكم أحد بسبب أفكاره”.
وبدأ ناشطون انفصاليون في برشلونة بالتجمع من أجل تظاهرة مقررة عند الساعة 20,00 (18,00 ت غ) تنديداً بالحكم.
وندد الرئيس الكاتالوني السابق كارليس بوتشيمون الذي فرّ إلى بلجيكا لتفادي ملاحقته قضائياً بعد المحاولة الفاشلة للانفصال عام 2017، بقرار المحكمة واصفاً إياه بـ”العمل الشائن”.
وكتب على تويتر “الأحكام جميعها تساوي 100 عام في السجن. هذا أمر شائن (…) حان وقت الرد كما لم نفعل أبداً من أجل مستقبل أولادنا ومن أجل الديموقراطية وأوروبا وكاتالونيا”.
ونال نائب الرئيس الكاتالوني السابق أوريول خونكيراس أعلى حكم بالسجن بين الانفصاليين الاثني عشر، إذ قررت أعلى سلطة قضائية في البلاد سجنه 13 عاماً، بتهم العصيان واختلاس المال العام.
-“سننتصر”-
ولم يدن القضاة خونكيراس بتهمة التمرد التي طلبت النيابة العامة معاقبته عليها بالسجن 25 عاماً.
ولا يمكن إدانة الانفصاليين بالتمرد دون وجود انتفاضة مسلحة. وصنفت النيابة العامة أحداث عام 2017 بأنها “انقلاب”.
وخونكيراس هو رئيس الحزب اليساري الجمهوري الكاتالوني، وكان أبرز المتهمين في هذه المحاكمة في ظل غياب بوتشيمون.
واعتبر في رسالة إلى أنصاره الاثنين أن “القصة” لم تنته بعد، مضيفاً “نقول لمن يريد فقط إلحاق الأذى، الأمر لم ينته اليوم، لم تفوزوا(…) سنعود أقوى وسننتصر”.
وحكم على ثمانية انفصاليين آخرين بالسجن بين تسعة و12 عاماً بتهم العصيان فيما أدين بعضهم بتهمة اختلاس المال العام.
ومن بينهم الرئيسة السابقة للبرلمان الكاتالوني كارمي فوركاديل التي حكم عليها بالسجن 11 عاماً ونصف العام، ورئيسي منظمتي “التجمع الوطني الكاتالوني” و”أومنيوم كولتورال” الانفصاليتين النافذتين جوردي سانشيز وجوردي كويكسار (تسعة أعوام)، وخمسة وزراء محليين سابقين (بين 10 سنوات ونصف و12 سنة).
وكان الانفصاليون التسعة قيد الحجز الاحتياطي بعضهم منذ عامين.
وحكم على ثلاثة أعضاء آخرين سابقين في الحكومة الكاتالونية هم قيد إطلاق سراح مشروط بدفع غرامات لإدانتهم بتهمة العصيان.
-الأزمة الأسوأ منذ 40 عاماً-
ومثل الانفصاليون الـ12 امام المحكمة لتنظيمهم في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2017 استفتاء لتقرير المصير رغم حظر القضاء لذلك، شهد مواجهات مع الشرطة، بالإضافة لإعلانهم في 27 تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه استقلال كاتالونيا، الذي لم يدخل حيز التنفيذ، بعدما أقره البرلمان المحلي.
وتسببت محاولة انفصال هذه المنطقة الغنية الواقعة شمال شرق إسبانيا بأسوأ أزمة سياسية عرفتها البلاد منذ نهاية حقبة ديكتاتورية فرانكو عام 1975.
وتريد الحكومة أن يسمح هذا الحكم بقلب صفحة جديدة واستئناف الحوار السياسي في المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 7,5 مليون نسمة.
لكن الانفصاليين الذين لا يزالون يمسكون بالحكومة المحلية يريدون تعبئة مؤيديهم مرةً جديدةً ودعوا إلى “عصيان مدني”.
وقال وزير النقل الإٍسباني خوسيه لويز أبالوس “البعض في كاتالونيا يريدون الدخول في نزاع مع فكرة الدولة نفسها” لكن “يجب أن نجد نقطة التقاء”.
-قطع طرقات-
ومنذ عام 2010، تحشد الدعوات للاستقلال في كاتالونيا تظاهرات كبيرة.
وأرسلت الحكومة تعزيزات أمنية إلى المنطقة خشية حصول اضطرابات.
وبدأ الانفصاليون في برشلونة بقطع بعض طرقات المدينة وفق ما شاهد صحافيون في وكالة فرانس برس، فيما دعا الناشطون المتشددون في “لجان الدفاع الجمهورية” إلى “ثورة شعبية”.
وندد بدوره نادي برشلونة لكرة القدم بالأحكام في بيان قال فيه إن “السجن ليس الحل”.
وأعلن سانشيز في وقت سابق أنه لن يتردد في اتخاذ إجراءات استثنائية لضمان أمن المنطقة إذا كان ذلك ضرورياً، مثل تعليق العمل بحكمها الذاتي كما حصل بعد محاولة الانفصال في تشرين الأول/أكتوبر 2017.
مدريد (أ ف ب)