أكدت الأميرة للا حسناء، رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، الخميس 10 ماي بتورونتو، أن القدرات والطاقات التي تمتلكها الكفاءات القيادية النسائية “تعد عاملا مهما في دعم الجهود المبذولة على الصعيد العالمي لمواجهة آثار التغيرات المناخية”، مشيدة بنضال المرأة في بلدان الجنوب، لاسيما ذلك الذي تخوض غماره المرأة الإفريقية.
وقالت صاحبة السمو الملكي، في كلمة أمام “منتدى النساء- كندا 2018” الذي ينظم يومي 10 و 11 ماي الجاري تحت شعار “جسر الهوة: نداء الى مجموعة السبع من أجل نمو شامل”، “إن ما تمتلكه الكفاءات القيادية النسائية من قدرات وطاقات كفيلة بإحداث التغيير والتحول يعد عاملا مهما في دعم الجهود المبذولة على الصعيد العالمي لمواجهة آثار التغيرات المناخية. فما لبثت النساء تؤكدن جدارتهن بهذه المكانة، بما تبدينه من التزام ومثابرة، وما تحققنه من إنجازات ميدانية. وأغتنم هذه المناسبة، لأشيد إشادة خاصة بنضال المرأة في بلدان الجنوب، لاسيما ذلك الذي تخوض غماره المرأة الإفريقية اليوم”.
وأضافت صاحبة السمو الملكي أن انخراط المرأة الفعلي في مختلف هذه الجهود،”يساهم في إذكاء الوعي الجماعي، من أجل حث الدول على مواصلة التزامها بمسؤولياتها، تجاه قضايا المناخ، مع العمل على تفعيله على أرض الواقع”.
وسجلت أنه “إذا كان إشراك المرأة، والإنصات إلى رأيها في مختلف القضايا، ضرورة يمليها مبدأ العدل والمساواة، فهو كذلك شرط تقتضيه متطلبات الفعالية مبرزة أن التجربة أكدت أنه ل”ا سبيل إلى تحقيق التقدم الشامل والمستدام، بدون مشاركة المرأة كفاعل في هذا المسار، وكمستفيد من نتائجه”.
وشددت صاحبة السمو الملكي على أن “هذا الحكم يسري أيضا على التحديات المرتبطة بالنمو الشامل والتنمية الاجتماعية. بل إنه ينطبق بدرجة أكبر على القضايا الشائكة ذات الصلة بالتصدي للتغيرات المناخية، وحماية النظم البيئية، وضمان التنمية المستدامة كحق للجميع”.
وأبرزت في هذا الصدد أنه “علاوة على حضور المرأة في قلب هذه التحديات المحلية والعالمية، فقد أثبتت قدرتها على الإسهام في التصدي لها، بمنظور متفرد، وتدابير فعلية، تتميز بالجدية والنجاعة، مما جعلها فاعلا أساسيا في عملية التغيير”.
وأعربت صاحبة السمو الملكي، بهذه المناسبة، عن دعم سموها الكامل للقيم التي يناصرها هذا المنتدى، مشيدة، على الخصوص، بنضال أعضائه المستميت، من أجل إسماع صوت المرأة، وتعزيز أدوارها الريادية في مختلف المجالات، بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة لمجتمعاتنا.
وقالت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء “ومن خلال المهام التي أنهض بها على رأس مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، التي شرفني جلالة الملك برئاستها منذ إحداثها سنة 2001، فإني أعي تمام الوعي ما يمكن للنساء أن يقدمنه من جهود فعالة، في مواجهة آثار التغيرات المناخية، وحماية المحيطات، وتطوير الطاقات النظيفة”.
وأكدت، في هذا الإطار، أن المملكة المغربية تنخرط اليوم، في أوراش واعدة وغير مسبوقة، في مجال تطوير الطاقات النظيفة، وحماية السواحل، والمحافظة على النظم البيئية الهشة، لاسيما في الواحات.
وأبرزت أنه “من حسن حظنا أن المغرب وضع طارا قانونيا ومؤسسيا، ما فتئ يعزز الجهود الرامية إلى النهوض بقضايا البيئة، حيث تمكنت بلادنا، بفضل إرادة جلالة الملك، من تكريس الحق في بيئة سليمة وفي التنمية المستدامة في دستور 2011”.
وأشارت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء الى أن المغرب وضع أيضا، ميثاقا وطنيا متقدما في هذه الميادين مؤكدة “تزايد اهتمام المواطنين بالقضايا المناخية، لاسيما بعد تسلم المغرب مشعل رئاسة القمة الثانية والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (كوب 22)، المنعقدة في مراكش سنة 2016”.
وتابعت صاحبة السمو الملكي قائلة “إن التزامي في إطار المهام التي أقوم بها، داخل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، ما هو إلا تجسيد لصوت المرأة الذي أمثله، والذي يعبر في المقام الأول عن صوت الأم، بل عن صوت كل امرأة نذرت نفسها، مثل أي أم، لتأمين غد أفضل لأبنائها”، مبرزة أن هذه الجهود ما هي إلا تعبير عن التزام صادق، مثل التزام أي أم تأخذ بيد أبنائها، وتسهر على تفتحهم وتربيتهم.
وأضافت سموها “فهو إذن عمل يمتد على المدى البعيد، ويتطلب منا التحلي بالصبر والمثابرة ونكران الذات، مثل كل أم في علاقتها مع أهلها وذويها. وبالتالي، فهذه مسؤولية نضطلع بها انطلاقا من اقتناع وإيمان راسخين، وليست مجرد إجراءات تدبيرية أو برمجية، أو أي عمل تنظيمي أو تواصلي”.
وشددت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء على أن الرسالة التي تتشرف بحمل لوائها، في مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، تقوم أولا وقبل كل شيء، على التربية والتوعية البيئية، خدمة لأهداف التنمية المستدامة. وبحكم طبيعة هذا العمل، فإنه يستهدف الأطفال والشباب في المقام الأول.
وقالت إن “هذا العمل القائم على التربية والتوعية، ونقل القيم والمبادئ إلى الأجيال الصاعدة، هو بالذات ما تقوم به الأمهات كل يوم تجاه أبنائهن؛ ويشكل أيضا الشعار الذي اتخذته مؤسستنا عنوانا لبرامجها ومبادراتها”.
وأوضحت صاحبة السمو الملكي بالقول “فنحن ننخرط في تحسيس هذه الفئة بأهمية التنمية المستدامة، والقيم المرتبطة بها، منذ المرحلة ما قبل المدرسية، ونستمر معهم في هذه المواكبة، حتى بعد ولوجهم مسالك الدراسات العليا، لاسيما في إطار برامجنا المختلفة مثل +المدارس الإيكولوجية+، و+الصحافيون الشباب من أجل البيئة+، و+شبكة الجامعات الخضراء+، مشيرة الى أنه “من أجل إقناع هذه الفئات المستهدفة، بأهمية التنمية المستدامة، وحملها على الانخراط الفاعل فيها، اعتمدت المؤسسة منهجية تربوية تقوم على بيداغوجية القدوة”.
وأبرزت صاحبة السمو الملكي أنه “في إطار هذه المنهجية، نمكنهم من الوقوف على واقع الظواهر الخطيرة، من قبيل ارتفاع مستوى المحيطات، والجفاف والتصحر، وتلوث المجال الحضري، والنفايات بمختلف أشكالها. ومن تم، نجعلهم يكتشفون بأنفسهم المخاطر المهد دة للتنوع البيولوجي”.
وأضافت “نعلمهم أيضا في إطار برنامج المدارس الإيكولوجية، كيفية فرز النفايات، بما يمكنهم من تمثل هذا السلوك في بيوتهم. كما نشجعهم على اختيار تغذية سليمة، مستوفية لشروط الحفاظ على البيئة، وعلى زراعة الخضر في حديقة المدرسة؛ ونحفزهم أيضا على تحويل النفايات العضوية إلى سماد، يخصبون به ما يزرعونه، كما نحثهم على اعتماد نظام الري الموضعي، من أجل الاقتصاد في استعمال الماء”.
كما أشارت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء إلى برنامج “الصحافيون الشباب من أجل البيئة”، الذي يتلقى من خلاله طلاب الثانويات تكوينا يمكنهم من تمثل المشكلات البيئية وتحليلها، ويرسخ لديهم ثقافة البحث والاستقصاء، وإبداء الرأي والدفاع عنه. “وبذلك، فإننا نربي لدى أطفالنا روح المبادرة، من أجل وضع حد لتدهور البيئة”.
وتطرقت سموها أيضا الى برامج أخرى، تتعلق بمواضيع مثل جودة الهواء، والتصدي لارتفاع درجة حرارة الأرض، والتي تروم توفير الشروط الضرورية للحوار والتبادل الإيجابيين وتيسير بلورة حلول توافقية، يساهم فيها الجميع “باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع”، مبرزة أن المؤسسة انخرطت في مبادرات على نطاق أوسع، مثل مبادرات شركائها الدوليين كاليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والإيسيسكو، ومؤسسة التربية البيئية.
وخلصت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء الى القول “إننا نخوض غمار معركتنا التربوية والتحسيسية في مجال تخصص مؤسستنا، بعزم لا يلين، مستهدفين جميع الفئات، من أطفال وكبار ومنظمات ومجتمع مدني وسلطات عمومية؛ ومسلحين بإيماننا الراسخ بالنجاح الحتمي لجهودنا، في كسب هذا التحدي”.