توزع حضور النساء في قضايا مكافحة الإرهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط، كمحكمة وطنية وحيدة مختصة في زجر هذا النوع من الجرائم بالمملكة، بين متابعات بموجب قانون مكافحة الإرهاب رقم 03.03 ، وهو عدد محدود جداً بالمقارنة مع الذكور من الرشداء والأحداث، وفئات أخرى يرد الحديث عنهن كحالات سافرن رفقة أزواجهن وأبنائهن إلى مختلف بؤر التوتر لدى التنظيمات الجهادية المتطرفة.
من جهة أخرى هناك نساء بدأن هن الأخريات في استقطاب المتطوعات للالتحاق بـ “داعش” بسوريا والعراق، كما ورد في بعض تصريحات المتهمين في خلية فاس، التي عرض ملفها صباح الخميس المنصرم بذات المحكمة، والذي التمس فيه ممثل النيابة العامة، الأستاذ خالد الكردودي، الحكم بــ 137 سنة سجنا نافذة في حق تسعة متهمين، وذلك بعقوبة تتراوح بين 20 سنة و16 و15، و10 سنوات سجنا، وغرامة 10 ملايين درهم، مع المطالبة بالحكم بالمصادرة.
أما الصنف الرابع من النساء فيتعلق بأمهات بعض المتابعين في هذه الملفات كحالة متهمين في النازلة الأخيرة، حيث كان واحد يرسل الأدوية لوالدته المتواجدة في سوريا، في حين أن الثانية، تمثل ربما الاستثناء، استناداً لما ورد في مرافعة دفاع المتهم، اعتماداً على ما دُوّن في محضر الشرطة القضائية نفسه، حيث أكد أن مؤازره وأمه اعتقلا في حافلة بتركيا، ووضعا بمركز إيواء، ورحلا بناء على رغبتهما….
في هذا الصدد يقول الدفاع، الأستاذ خليل الإدريسي: …إن ذهاب موكلي إلى بلاد الشام كان بناء على إلحاح ورغبة والدته التي كانت تريد الالتحاق بالدولة الإسلامية، أي الهجرة إلى دار الإسلام… لأن بعض الناس يعتقدون أنهم سينعمون بالعدل، ولا يتعرضون للظلم، ويتلقون الدعم هناك، انسجاما مع ما يحلمون به، حيث هناك من “يحرك” إلى أوربا، وآخرون يبحثون عن الأمل لدى «داعش» ومثيلاتها، مصدقين الوعود الكاذبة.
وقال الدفاع إن رغبة سفر الوالدة كانت تندرج في سياق طموح مؤازره أيضا، إذ كان يريد ولوج عالم الطب عبر التكوين…لأنه عاش الفقر وفقد حلمه، بل إنه كان يعاني من انحراف خاله الذي يقطن معهما في محل مكون من غرفتين، حيث رغم أن والدته اشتكت من التصرفات المنحرفة لأخيها عند القائد والأمن فلم يتم إنصافها… إن الناس يهجرون لتحقيق الأمن بمختلف أنواعه، لأنه هو الباعث على الاستقرار….
وتساءل الدفاع بقوله: ماذا قدمت البلاد للمحكومين في قضايا الإرهاب منذ 2003 إلى اليوم، والذين منهم من خرج من السجن وعاد إليه؟ أين هو التأهيل؟ مضيفا إن الاستمرار في هذا “المنطق” هو أخطر من الإرهاب، لأن في ذلك تهديد للمجتمع برمته…إن الناس تعيش في البؤس، والظلم يخرب البنيان… يقول الدفاع.
وعودة للبدء لماذا تريد مثل والدة هذا المتهم الإرتماء في أحضان “الدواعش”؟ ولماذا انخرطت نساء في عملية استقطاب المتطوعات للالتحاق بهذه التنظيمات المتطرفة؟ ولماذا تختار أخريات الاستقرار بمعسكرات تفوح منها روائح “البارود”؟ وما مصير المغربيات وأطفالهن هناك، بمن فيهم اللواتي فقدن أزواجهن في عمليات انتحارية؟ وماذا عن وضعهن هناك بمعية أبنائهن؟ وماذا عن عودة الجيش العرمرم من النشطاء بمختلف بؤر التوتر بالقارات الخمس.
أسئلة ضمن أخرى تستدعي فتح نقاش عمومي، وفق استراتيجية واضحة المعالم والأهداف، ومحددة في الزمان على الأمد القريب والمتوسط والبعيد، تنخرط فيها بشكل فعلي وزارات الأوقاف والشؤون الاسلامية، والتربية والتعليم بشقيها، والعدل، والداخلية، والقطاعات العمومية المعنية، وفئات المجتمع المدني المهتمة بالموضوع.