" بدعوة كريمة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية، وتجسيدا لروابط الأخوة التاريخية المتينة بين المملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية، وترسيخا لنهج التشاور والتنسيق المستمر بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية، وأخيه صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، قام جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية، وذلك من 10 إلى 12 مارس 2015.
الدعوة للشروع في إعداد برامج للتعاون الثنائي
وبهذه المناسبة، أجرى العاهلان، يوم الأربعاء 11 مارس 2015 بالقصر الملكي في الدارالبيضاء، محادثات، تطرقا فيها إلى القضايا الأساسية التي تهم البلدين، وسبل تعزيز علاقاتهما والارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية التكاملية، في مختلف أبعادها. وفي هذا الصدد، وجه العاهلان حكومتي البلدين من أجل الشروع في إعداد برامج التعاون الثنائي لإقرارها خلال الدورة الخامسة للجنة العليا المشتركة، المزمع عقدها في المغرب، برئاسة رئيسي حكومتي البلدين، في غضون السنة الجارية.
كما جدد جلالة الملك عبد الله الثاني موقف الأردن الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية، مشددا جلالته على أن المقترح المغربي للحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية هو الأساس لأي حل تفاوضي بين جميع الأطراف المعنية، مشيدا جلالته بمسيرة الإصلاحات التي يقودها جلالة الملك محمد السادس والتي مكنت المغرب من تحقيق منجزات سياسية وتنموية كبرى. من جهته، أثنى جلالة الملك محمد السادس على الخطوات التي يتخذها جلالة الملك عبد الله الثاني في مساعيه لتعزيز التقدم والازدهار للشعب الأردني وتعزيز مؤسساته السياسية، مجددا جلالته تضامن المغرب ودعمه التام للمملكة الأردنية الهاشمية.
ارتياح المغرب و الأردن لما تم تحقيقه من أوجه التعاون التنموي مع دول المجلس
وبخصوص علاقة المملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبر القائدان عن ارتياحهما لما تم تحقيقه من أوجه التعاون التنموي مع دول المجلس، مجددَينِ مواقف بلديهما المساندة لكل ما من شأنه تعزيز أمن واستقرار دول الخليج العربي، وعزمهما على مواصلة إرساء شراكة استراتيجية نموذجية وتكاملية مع مجلس التعاون الخليجي وإعطائها مضمونا واسعا وشاملا في جميع المجالات، وبما يستجيب لطموحات وتطلعات مجتمعات البلدان الثمانية. وفي إطار مباحثاتهما الموسعة والشاملة، تناول زعيما البلدين كذلك أهم الموضوعات المطروحة على الساحة العربية والإسلامية والدولية، وسجلا بارتياح تطابق وجهات نظرهما بشأنها، مؤكدَين أهمية مواصلة التنسيق والتشاور، بما يضمن تحقيق المصالح المشتركة للبلدين ويخدم الأمتين العربية والإسلامية.
وفي هذا السياق، أكد العاهلان الأهمية القصوى التي يوليانها لتكثيف مساعي المجتمع الدولي لمكافحة الفكر المتطرف والإرهاب أينما وجد ومهما كانت دوافعه وأشكاله، وذلك وفق مقاربة شمولية تُدمِجُ الأبعاد الأمنية والتنموية والدينية، وشدد صاحبا الجلالة على أهمية العمل على تعزيز التضامن ووحدة الصف العربي، في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة، للتصدي لهذه الآفة الخطيرة التي تهدد أمن دول المنطقة العربية والقارة الإفريقية والعالم. أكد جلالتاهما وجوب العمل على تجفيف منابع الإرهاب، وحث العلماء والمفكرين والمثقفين للنهوض بدورهم ومسؤولياتهم للخروج بخطاب ديني وإعلامي، فكري وتنويري، يستند إلى التعاليم الصحيحة للإسلام، وجوهره الحقيقي وسماحته، ويرسخ مبادئ الاعتدال والانفتاح والتسامح والحوار، على اعتبار أن ذلك من أفضل السبل للتصدي لتشويه صورة الإسلام والدفاع عن مبادئه وقيمه الإنسانية النبيلة.
جدد العاهلان تمسكهما بالعمل العربي المشترك لترسيخ أسس الاستقرار والتنمية الدائمة في المنطقة العربية وتكريس قيم التعاون والتضامن العربي بما يتوافق مع احترام سيادة ووحدة الدول العربية.
الدعوة لايجاد تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية
وفيما يخص القضية الفلسطينية، دعا القائدان المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لإيجاد تسوية شاملة وعادلة على أساس مبادرة السلام العربية وحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، وذلك لتمكين الشعب الفلسطيني من جميع حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعلى حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدَين دعمهما للقيادة الفلسطينية، برئاسة فخامة الرئيس محمود عباس، ودعوتهما إلى تعزيز الإطار التفاوضي الفلسطيني-الإسرائيلي بما يسمح بالدفع به إلى إقرار الترتيبات العملية للحل العادل وفق جدول زمني واضح.
وتأكيدا لما تحظى به مدينة القدس الشرقية من رعاية خاصة من لدنهما، انطلاقا من رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس للجنة القدس، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، والوصاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف التي يتولاها جلالة الملك عبد الله الثاني، فقد أعرب القائدان عن إدانة بلديهما لسياسة فرض الأمر الواقع التي تعتمدها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس الشريف وجميع ممارساتها غير القانونية التي تسعى إلى تهويد المدينة المقدسة وتغيير وضعها القانوني وطابعها الحضاري وتركيبتها الديمغرافية، بالتضييق على سكانها الفلسطينيين من خلال سحب هوياتهم وهدم منازلهم، إلى جانب مواصلة الاستيطان ومصادرة الأراضي وبناء الجدار لتطويق القدس الشريف وعزله عن محيطه الفلسطيني.
وجددا عزمهما الراسخ على مواصلة الدفاع عن المدينة المقدسة، بما في ذلك انخراط بلديهما في كل ما من شأنه مساعدة الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، على التوصل إلى اتفاق شامل وعادل بخصوص القضية الفلسطينية والقدس الشريف.
حل الأزمة السورية يبقى رهينا بتمكين الشعب السوري من قيادة مرحلة الانتقال السياسي
وبشأن تطورات الأزمة في سوريا، أكد العاهلان أن الحل يبقى رهينا بتمكين الشعب السوري من قيادة مرحلة الانتقال السياسي وفق ضوابط بيان مؤتمر جنيف الأول، والتي تقضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات، تحافظ على مؤسسات الدولة السورية ووحدة أراضيها، وتخرج الشعب السوري من دوامة العنف والإرهاب المفروضين عليه، وتحقق طموحاته في الحرية والتنمية.
وفي هذا الصدد، نوه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالمجهود الكبير الذي تقوم به المملكة الأردنية الهاشمية في استضافة اللاجئين السوريين، داعيا إلى تكثيف الدعم لها لمواصلة هذا الواجب الإنساني تجاه الأشقاء السوريين، معربا عن امتنان المغرب للأردن الشقيق على كل التسهيلات التي يقدمها من أجل تيسير عمل المستشفى الميداني الذي أقامته القوات المسلحة الملكية المغربية في مخيم الزعتري في الأردن لتقديم المساعدات الطبية للمواطنين السوريين هناك.
وبالنسبة للعراق، أكد العاهلان دعمهما للجهود التي تبذلها الحكومة العراقية الحالية في التصدي للمجموعات الإرهابية التي تستهدف أمن وسلامة العراق والمنطقة برمتها، معربين عن تطلعهما إلى استكمال بناء مؤسسات الدولة العراقية الحديثة على أسس المواطنة والحق والقانون، الكفيلة بإشراك جميع مكونات الشعب العراقي، وحرصهما على مواكبة المسيرة التنموية للعراق في إطار محيطه العربي.
العاهل الأردني يشيد باحتضان المغرب لجولة الحوار التي انطلقت الأسبوع الماضي
وبخصوص الوضع في ليبيا، أشاد العاهل الأردني باحتضان المغرب لجولة الحوار التي انطلقت الأسبوع الماضي في ضواحي مدينة الرباط، برعاية مبعوث الأمم المتحدة، بين الفرقاء الليبيين، ودعا القائدان هؤلاء الفرقاء إلى استغلال الفرصة التي تتيحها جولات الحوار الليبي الشامل بالمغرب من أجل إيجاد حل سياسي يسمح ببناء مؤسسات الدولة الليبية، مع الحفاظ على وحدة البلاد، ووضع حد لأعمال العنف والقتل وتمكين الشعب الليبي من حقه في الاستقرار والتنمية.
وعبر صاحبا الجلالة عن قلقهما البالغ إزاء التطورات السياسية والأمنية الخطيرة التي يشهدها اليمن والتي تنذر بنسف العملية السياسية التي انبثقت عن المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والحوار الوطني اليمني الشامل ومساعي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، السيد جمال بنعمر، ودعا صاحبا الجلالة الفرقاء اليمنيين للعودة إلى المصالحة الوطنية والتمسك بالشرعية وبمخرجات الحوار الوطني الشامل، حفاظا على أمن واستقرار اليمن الشقيق ووحدته الترابية، وتيسيرا لإطلاق خطة عمل يمنية للتنمية المستدامة بدعم من المجتمع الدولي.
وفي ختام المباحثات، عبر صاحب الجلالة الهاشمية، الملك عبد الله الثاني، لأخيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن شكره وتقديره على حفاوة الاستقبال خلال هذه الزيارة، والتي عكست عمق العلاقات الأخوية القوية والراسخة، ووجه صاحب الجلالة الهاشمية دعوة إلى أخيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لزيارة بلده الثاني الأردن".