نظم نادي القاضي عياض للأنشطة العلمية والثقافية بتنسيق مع شعبة الدراسات الإسلامية محاضرة ألقاها الداعية الإسلامي الدكتور “عائض القرني” بعنوان: “أسباب السعادة”، وذلك يوم الثلاثاء فاتح أبريل 2014، بجامعة عبد المالك السعدي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، تطوان- مرتيل، وقد وفدت حشود كبيرة إلى الجامعة من أجل متابعة محاضرة فضيلة الشيخ “عائض القرني”.
وقد عبر العلامة الدكتور “عائض القرني” عن محبته الخالصة لأهل المغرب بصفة عامة ومدينة تطوان بصفة خاصة، حيث وصفها بالمدينة العظيمة، والتاريخية، والمحتسبة، والشامخة، والمشرفة، كما تقدم بالشكر إلى نائب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الدكتور “عبد الهادي أمحرف” والأخوة المشرفين، والأساتذة، وكذا الحضور الكريم.
وقد أكد فضيلة الدكتور” عائض القرني” في بداية كلامه على أن اسم مدينة تطوان كان يحفظه منذ أن كان صغيرا، فقد كانوا يرددونها وهم مازالوا في الابتدائية فقال أنهم كانوا يرددون : “بلاد الروض روضان من الهند لتطوان” كما ذكر أنه ردد اسم تطوان في قصيدة له قبل عشرين سنة، فقال:
“.. قلت في القصيدة قبل ما أصل إلى تطوان وأنا أسمع مجد تطوان وتاريخها وقلت متى سيكون لي لقاء مع أهل تطوان ” أنا الحجاز، أنا نجد، أنا يمن، أنا الجنوب بها دمعي وأشجاني، وفي ربى مكة تاريخ ملحمة على ثراها بنينا العالم الثاني، الشام بير ماء ومن عمان تذكرتي وفي الجزائر إخواني وتطوان”.
ويضيف الشيخ عائض القرني: ” ألفت كتاب لا تحزن لكن أنتم لستم بحاجة إلى كتاب لا تحزن، أنتم ثلاثة يا صاحب الابن الحسن، الماء والخضرة والوجه الحسن. خلق الله لكم بين الطبيعة الخلابة والنفوس الطيبة والطاهرة والطلعات المشرقة والتاريخ المجيد والوسطية والاعتدال ولذلك قلت اليوم “تطوان كل حديث كنت أحفظه نسيته عند أهل التل والدار من تبدى منهم تقل لقيت سيدهم مثل النجوم الذي يسري بها الساري”. ويكمل حديثه قائلا:
” أهنئكم بما أنعم الله عليكم في المغرب من الدين العظيم وهو الذي أتى بي إليكم فكلمة لا إله إلا الله هي التي أتت بي إليكم، فقد أتيت لأزور المغرب مدينة مدينة، فقد ذهبت إلى المحمدية، والدار البيضاء، الرباط، سلا، القنيطرة، القصر الكبير، واليوم في تطوان فرأيتكم وأنتم متفقون خلافكم تنوع لا خلاف طوائف، خلافكم الاتفاق وتكامل وجماليات في مشروع اسمه الوسطية والاعتدال الذي يهيمن على شعب المغرب جزاه الله خيرا وحفظه الله ملكا وشعبا، هو على مذهب سني واحد، كما أبارك لكم الأمن والاستقرار زادكم الله أمنا واستقرار..لقد زرت أربعين دولة في العالم لكني وجدت المغرب من أجملها على الإطلاق ..”
أما محاضرته فقد انصبت حول موضوع أسباب السعادة والتي حصرها في عشر أسباب وهي كالتالي:
أولا: الإيمان بالله فمن لم يؤمن بالله فلن يجد السعادة أبدا .
ثانيا: العلم، وقد أكد على أن ديننا هو دين علم، فدعا إلى طلب الزيادة في العلم، والتأمل في عظمة الخالق وتسييره للكون.
ثالثا: الصلاة، إذا داهمك الخوف وطوقك الحزن، وأخذ الهم بتلابيبك، فقم حالاً إلى الصلاة، تثوب لك روحك وتطمئن نفسك، إن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ومطاردة فلول الاكتئاب .
رابعا: العمل، لأن السماء لا تمطر ذهبا على الفاشلين وإنما السنابل تتمايل على أقدام العاملين. فالفارغون في الحياة هم أهل الأراجيف والشائعات لأن أذهانهم موزعة.
خامسا: نفع الناس، الجميل كاسمه، والمعروف كرسمه، والخير كطعمه. أول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد، يجنون ثمراته عاجلاً في نفوسهم، وأخلاقهم، وضمائرهم، فيجدون الانشراح، والانبساط، والهدوء والسكينة .
سادسا: ذكر الله، الصدق حبيب الله والصراحة صابون القلوب، والتجربة برهان، والرائد لا يكذب أهله، ولم يوجد عمل أشرح للصدر وأعظم للأجر كالذكر ” فاذكروني أذكركم ”,وذكره سبحانه جنته في أرضه من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
سابعا: فكر واشكر، والمعنى أن تذكر نعم الله عليك , فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك، صحة في بدن، أمن في وطن، غذاء وكساء، وهواء وماء، لديك الدنيا وأنت ما تشعر، تملك الحياة وأنت لا تعلم
ثامنا: يومك يومك، إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، اليوم فحسب ستعيش، فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره، ولا الغد الذي لم يأت إلى الآن .
تاسعا: الإيمان بالقضاء والقدر، جف القلم، رفعت الصحف، قضي الأمر، كتبت المقادير، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ما أصابك لم يكن ليخطأك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك .
عاشرا: الوسطية والاعتدال. العدل مطلب عقلي وشرعي، لا غلو ولا جفاء، لا إفراط ولا تفريط، ومن أراد السعادة فعليه أن يضبط عواطفه، واندفاعاته، وليكن عادلاً في رضاه وغضبه وسروره وحزنه؛ لأن الشطط والمبالغة في التعامل مع الأحداث ظلمٌ للنفس، وما أحسن الوسطية، فإن الشرع نزل بالميزان، والحياة قامت على القسط.