انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية
الشعب سيد نفسه، الشعب مصدر السلطات، الشعب يريد، كانت الناس طوال أيام المشي تتطاول على الشعب، تتطاول على كل حقوقه، تقول ما لم يقله و تريد منه أن يقول ما لا يريد، الشعب يريد و الهامشي يريد و الشعب فعال لما يريد، هذا هو السر الذي أماطت عنه اللثام الملايين التي اكتسحت الشوارع في كل المدن المغربية، نزلت الملايين لتلقن درسا للجميع، ها هو الشعب الذي عليه تفترون إنه يعرف ما يريد، فهو لم يكن في حاجة إلى بلاغ من بلاغات المجلس الوطني التي اختزلت الشعب في ثلاثة أشخاص يدبجون بيانا و يتركونه معلقا حتى يصفر على حائط مبكاهم الفايسبوكي.
الدار البيضاء هي الدار البيضاء عندما اقتربت الساعة السابعة و النصف بعد الزوال و على غير عادة البيضاويين بدت الشوارع خالية أو تكاد، قبل ساعات كانت ساحة الأمم بالبيضاء تعرف حركة استقبال لأحد المشاة القادم من طانطان، لم يحضر إلا عشرة أنفار قالوا إنهم الشعب، رفعوا كلاما كبيرا في تجاهل تام لأفراد الشعب الذين ينتظرون الحافلات و الترام، و بعد أن بحوا من كثرة الصياح كالحماق عادوا إلى مساءاتهم الهامشية بكل ما تحمل الهامشية من معنى.
الدار البيضاء إستعادت أبناءها الذين تلفظهم كل يوم في رحلة البحث عن القوت و الحياة، كل المقاهي ممتلئة عن آخرها، لقد حضرت الناس ساعات قبل بث المقابلة ليضفروا بكرسي قرب الشاشة التي تنقل الحدث، و بعد الساعة التاسعة و الربع احتلت الجماهير كل الشوارع في كل المدن و القرى و بدأت الأصداء، لقد خرجوا في الداخلة، خرجوا في العيون، خرجوا في مراكش، و كانت عين الذئاب قبلة كل الذين خرجوا، أين كانت الجماهير، كانت مدسوسة تنتظر بلاغ المجلس الوطني الحقيقي الذي لا يؤمن بمتاهة الكلمات، كانت تنتظر بلاغ الفعل، لم يجبرها أي كان على الخروج، خرجت لأنها سيدة نفسها.
فكيف لهذه الجماهير الهادرة التي تفاعلت مع تأهل الرجاء أن ترابط في بيوتها و تتجاهل بيانات كل الذين لا يؤمنون إلا بأنفسهم و عندما أعياهم إنتظار أن يأتي عندهم الشعب إلى حيث هم قرب مواقعهم الطبيعيةفي مراكز المدن و الحواضر الكبرى، اقترح بعضهم أن يذهبوا هم عند الشعب حتى يصلوا به الرحم فذهبوا و انتظروا أن تخرج لإحتضانهم، فاستنكففقالوا هو الشعب يتعفف فلنعاود الكرة و أعادوها مرات و مرات لكنه الشعب يعرف ما يريد، و عندما أعياهم التيه قالوا بينهم أن الشعب متخلف و منهم من قال أنه شعب مكلخ كسول لا يحب الخروج.
و مرت الأيام و خرج الشعب، خرج و رقض و صاح صيحاته و رفع شعاراته لأنه يحب الحياة و يريد الإنتصارات، خرج يعبر عن نفسه و لم يخرج من قبل لأنه لا يؤمن بالحركات الجنائزية التي تتطلع إلى الخراب و الدمار حتى يستويالهامش في القنوات و يخاطب العالم و يبيع نفسه للذي يغطي أكثر.
إنه الشعب الذي يعرف ما يريد، هم يريدون و الشعب يريد و الشعب فعال لما يريد، لقد عاشوا جميعا ليلة حزينة لأنهم يستكثرون الإنتصار على هذا الشعب، يريدون الزيادات في الأسعار و يريدون ضعف القدرة الشرائية، يريدون الفيضانات و يريدون الأزمات لأنها في عرفهم هي التي تقربهم من يوم الخلاص/الدمار، يريدون شعبا من الحاقدين الناقمين و لا يريدون شعبا من المنتصرين الحالمين.
لقد كانوا يتامى طوال الليل، يتامى الأزمة التي لم تصل إلى الحد الذي يصبحون فيه سادة الشوارع و الأمكنة، و عادوا إلى بيوتهم منكسرين يلعنون هذا الشعب الذي لا يريدهم، لا يريد غدهم و لا يريد زمنهم و يحمي بإرادته الأزمنة التي يريد و الفضاءات التي يحب.
فتحية لك شعبنا في كل مكان، فسرك لا يعرفه إلا الذين يحبونك حقا و يؤمنون بغدك حقا و يؤمنون بمغرب لك أنت أولا، أنت سيده و صانع مستقبله بعيدا عن حسابات الهامش الذي لم يستوعب الدروس بعد و يتطلع إلى البرك الآسنة للتيه التي تحول إلى دم و دمار و خراب و مجهول في شامالإسلام و غيرها من الأمصار.