إنها قصة رجل أخده حماسه للتطوع من أجل مساعدة كراكيز بن لادن حتى لا يخطؤوا الطريق، وتطوع ليحدد لهم المواقع والمؤسسات التي يجب أن يطالها إرهابهم.
كان الرجل يتصور أن بن لادن في حاجة إلى خرائطه حول موقع المؤسسات السيادية المستهدفة، كان ينتظر بحماسة زائدة أن تنفجر السيارات الملغومة هناك أو هناك حتى يفرح، ويعلن للجميع أنه ساهم بما تيسر من أجل نصرة الجهاد والجهاديين حتى ينتصر الإسلام الذي يريد على باقي الأقوام ويتم بناء دولة الخلافة الإسلامية في أرض الرباط، لكن الحلم تحول إلى كابوس عاشه الرجل الذي لم يكن يحلم يوما أن العيون التي لا تنام سوف تتعقبه ليتم الحكم عليه بأربع سنوات نافذة، راعى فيها القاضي ربما الأصول الاجتماعية للرجل وسكنه مع علية القوم في الوقت الذي كان القاضي لا يحاكم إلا أصحاب القمصان الرنة واللحي الكثة ولا يحبس إلا سلالة الكاريانات والدواوير.
خرج الرجل واستعان بمساهماته في الشبكة العنكبوتية حتى يبين أنه حوكم من أجل آرائه الجهادية وليس من أجل انتصاره للعمل الجهادي والتخطيط لعمل إرهابي من خلال الشروع في تحديد الأهداف والدعوة إلى استهدافه الموجه في المنتديات الجهادية إلى صبايا بن لادن وصغار العقول منهم الذين سخروا أجسادهم المفخخة لإعلاء نموذج حضارة تلغي كل القيم الإنسانية وكل الحقوق الفردية والجماعية وإشاعة ثقافة القتل والدمار.
لم يجد الرجل بعد خروجه غير قاطرة الذراع الحقوقي للحزب الذي اصطفاه المغاربة ليكون عنوانا مغربيا لزمن الخروج والتيه في الشوارع، وبعد وصول الحزب إلى سدة المسؤولية الحكومية لجأ الرجل بدعم من “منتدى الكرامة” إلى التحايل على أكثر من قطاع وزاري وعلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان حتى يستفيد من مقتضيات قانون ينسحب فقط على الذين طالهم ما طالهم قبل 1999، وهو قانون وقعه الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، في إطار طي صفحة الماضي وسنوات الرصاص. ولأن الرجل تدثر في جبة إخوان بن كيران، فقد وقع له بن كيران “بعينيه مغمضين” على إرسالية إلى رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان حتى يتم إرجاعه إلى عمله، ولأن كلمة بن كيران لا ترد وحتى يحتسب أجرها في الميزان المقبول للمجلس، وقع رئيس المجلس إرسالية أخرى يطلب فيها إرجاع “الإرهابي الذي” إلى عمله وتطوع وزراء الحكامة الجيدة والميزانية بالتوقيع على القرار المشترك لأن القضية فيها “منتدى الكرامة” التابع للحزب وفيها بن كيران وفيها المجلس الوطني، ولا يمكن لأمة مثلها أن يجتمع وجهاؤها على ضلال.
لكن الذي وقع أن العفاريت والتماسيح في صندوق الإلتزامات بالنفقات CED، المكلفين بالتأشير على صرف الأموال وفي زمن التقشف، اكتشفوا أن الرجل اعتقل في 2007 وأطلق سراحه في 2011 و بالتالي لا يمكن له أن يستفيد من قرار الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، الذي حصر المستفيدين في الذين طويت صفحتهم قبل 1999. وهكذا انكشف المستور وتنبه رئيس المجلس الوطني إلى التحايل الذي وقع ضحيته من طرف وجهاء الأمة التي لا تجتمع على ضلال، ليبدأ مسلسل تبادل الإتهامات حول المسؤولية في هذا التدليس الذي تورط فيه رئيس الحكومة ووزير الحكامة ووزير الميزانية.
فلولا التأشير بتعويض الرجل وصرف أجرته كاملة منذ دخوله السجن لما تفطن عفاريت وتماسيح وزارة المالية إلى المقلب الذي تورطت فيه الحكومة.
ولأن الرجل محكوم عليه حكم نهائي وقضى عقوبته الحبسية كاملة فهو لم يكن يملك سندا قانونيا واحدا يمكنه من الاستفادة من الكرم الحاتمي للحكومة في زمن القيض، غير بيانات “منتدى الكرامة” وتصريحات “إريك ڭولدشاين” المبنية على قراءة أم الرجل للأحداث وإمضاء بن كيران وبعض وزرائه.
تراجع المغرر بهم من الأطراف الحكومية عن القرار التدليسي جعل الرجل يهرب إلى الأمام، فلم تعد جبة البيجيدي كافية لإستصدار القرار واستباحة المال العام، فتحولت الحراسة النظرية المحددة في 12 يوم إلى اختطاف واحتجاز تعسفي وتحولت الأحكام القضائية الصادرة في حقه إلى اعتقال في مكان مجهول، وتحول التخطيط إلى عمليات إرهابية والإشادة بها والتحريض عليها إلى مجرد التعبير عن رأي في حق المؤسسات السيادية المستهدفة. وبعد أن أقفلت الأبواب التي وفرتها جبة البيجيدي، انتقل الرجل إلى الاستظلال بمظلة دومان.
فهي مظلة كسابقاتها الإعلامية توفر الطريق الأسلم للنجاح ولتحقيق المبتغى، فهي مظلة تؤثر في الرأي العام خصوصا الحاكم منه.
وأكيد أن “الإحتضان الدوماني” للرجل سوف يُؤْتِي أُكْلَهُ سريعا وقبل أن يرتد طرف بن كيران وبوليف والأزمي، وأن الرجل سيعود سريعا إلى عمله وينعم بالملايين التي يحلم بها، وأن الآكوري كذاب والرجل لم يكن إرهابي ولم يرهب يوما أحدا، وكان فقط غير “كيتمازح” معا المخزن. وإذا لم يصدق أحدكم الرواية فليطلب شهادة “بدر سندس الدومانية”، فهو أصدق أنباءا من الأحكام القضائية.