لطفلة بسمة (تصوير أكورا)
تجاوزت قضية الطفلة “بسمة” ضحية حادث موازين لسنة 2009، البعد الإنساني والتعاطفي مع قضيتها، خاصة وأنها تلقى تعاطفا تجسد في دعم حالتها ماديا حيث تتلقى العديد من المساعدات من طرف المحسنين الذين يتوافدون على مستشفى ابن سيناء بالرباط لزيارتها وتقديم مساعدات على شكل حفاضات للأطفال، ومواد غذائية وأغطية واهتمام معنوي /جمالي يتمثل في حلاقة شعرها…الخ، ليس هذا فحسب، بل المستشفى يخصص غرفة خاصة للطفلة، وهي الوحيدة التي ترقد في غرفة عادة تخصص لــ 3 أطفال.
“بسمة” وموازين الرباط
تزامنا مع تحرك المشرفين على مهرجان موازين العالمي لوضع الرتوش الأخير لاستقبال دورته الــ 12 والتي بدأت تتسرب بعض الأسماء التي ستؤثث فضاء العاصمة من أوربا وأمريكا ومختلف البلدان العربية، زارت “أكورا” الطفلة “بسمة” التي ترقد منفردة في غرفة بالطابق الأول من بناية مستشفى ابن سيناء للأطفال بالرباط، منذ 4 سنوات، بعد أن داستها أقدام الجماهير التي حجت إلى ملعب النهضة لحضور حفل المغني الشعبي “عبد العزيز الستاتي”، حيث كسر كتفها.
وثيقة تثبت رفض جد الطفلة التكفل بها
الكسر ما هو إلا صفعة جديدة يتلقاها جسد طفلة تحمّل أكثر من طاقته، فالصغيرة “بسمة” هي ثمرة علاقة غير شرعية، رأت الحياة وهي تحمل إعاقة “حركية/ ذهنية”، وطيلة 5 سنوات كانت والدتها تتحمل عناء السفر من نواحي فاس في اتجاه الرباط لعلاج طفلتها، حيث كانت إحدى الأسر بحي التقدم بالرباط تستقبلها لإيوائها وطفلتها، هذه الأسرة اقترحت شهر ماي 2009 على والدة “بسمة” أن تخرج للترفيه ولتأخذ معها طفلتها عساها أن تستمتع بأمسية فنية دسمة، الأمسية التي لم يكن نجمها سوى المغني الشعبي “عبد العزيز الستاتي” الذي ذكرت إدارة موازين حينها أنه حقق رقما قياسيا بحضور حوالي 70 ألف متفرج للاستمتاع بحفله.
بسمة كانت تبتسم كلما التقطنا لها (صورة تصوير أكورا)
انتهى “الحفل”.. واستمتعت الجماهير، التي قررت سلك طريق غير الأبواب المخصصة للخروج حسب شهود عيان وحسب تقارير أمنية تحدثت في الموضوع، ونتيجة تدافع هذه الجماهير انهار سياج الملعب، “وحصل ما حصل”، سقطت أم “بسمة” وهي تحمل طفلتها، و”رُفستا معا” كما “رُفست” أرواح أخرى، وكانت الطفلة ضمن 40 شخصا أصيبوا في الحفل حيث كسر كتفها، لكنها تلقت صفعة أقوى.. “بسمة” نقلت للعلاج لكن والدتها نقلت إلى مثواها الأخير حيث كانت ضمن الــ 11 شخصا قضوا في ما يعرف بــ “حادث موازين.”
هل تخلت إدارة موازين عن “بسمة”؟
هل تخلت إدارة موازين عن “بسمة” سؤال يطرح بإلحاح في قضية طفلة ترقد في المستشفى منذ 4 سنوات بسبب حادث المهرجان؟ حسب مصادر مقربة من المهرجان، فإن مسؤولية إدارة موازين تنتهي عند تعويض الطفلة كما عوضت باقي المصابين، مصادر أخرى، أكدت أن موازين خصصت تعويضات يفترض أن تستفيد منها الطفلة “بسمة” على مستويين، الأول يتعلق بوفاة والدتها والثاني يتعلق بإصابتها، إلا أن هذه التعويضات لازالت مجمدة فلمن ستصرف هذه التعويضات؟ لا أب ولا أسرة، بل جدها وجدتها من جهة أمها زاراها مرتين ولم يرغبا في احتضانها باعتبار أن جدتها بدورها تعاني من المرض ولا تستطيع تحمل مسؤولية طفلة تحتاج إلى رعاية كاملة لأنها تعاني من إعاقة عميقة (حركية وذهنية)، مع أن التعويضات التي خصصت لــ “بسمة” كافية لأن تخصص لها مساعدة أو مرافقة لترعاها.
هكذا ترقد بسمة في سريرها بمستشفى ابن سيناء بالرباط (تصوير أكورا)
بسيمة الحقاوي و بسمة
حسب تصريح “عبد العالي الرامي” رئيس منتدى الطفولة لــ “أكورا”، فإن “بسيمة الحقاوي” وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية اطلعت على ملف “بسمة”، لكنها لم تجد له حلا باعتبار أن الطفلة تعاني من إعاقة عميقة وليست هناك مؤسسات اجتماعية في المغرب تستطيع رعايتها.
هكذا تشرب بسمة (تصوير أكورا)
وبين عجز الوزارة، وتخلي أسرة الطفلة، ضاعت “بسمة” وضاعت “بسمتها”، حالة الطفلة “بسمة” إذن ليست حالة إنسانية أومأساوية تنتزع دموع المتعاطفين، وتأثر القلوب الرحيمة، بل حالة تحتاج من الوزارة الوصية معالجة الملف مع باقي شركائها لإيجاد حلٍّ نهائي للقضية.
فهل الحل صعب حقا، على السيدة “الحقاوي” التي خبرت العمل الجمعوي واشتغلت لسنوات من أجل حقوق ومصالح الطفولة المغربية؟
ولوزارة التضامن واسع النظر.
أكورا بريس/ تحقيق / خديجة بـراق