بتصويت مجلس المستشارين بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2013 يكون المشروع قد اجتاز مرحلة مهمة من مسلسل التصويت والتي وإن اتسمت في أحيان كثيرة بالصراع الحاد بين الحكومة والمعارضة ٬ فإنها أفرزت بحسب محمد الشيخ بيد الله رئيس المجلس رسائل مهمة ومتعددة المضامين.
أولى الرسائل المستخلصة من مناقشة هذا المشروع حددها السيد بيد الله٬ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ في أجواء المسؤولية والاحترام المتبادل ومحاولة صبر أغوار المشروع من خلال القيام بعملية تشريح دقيقة وتحليل مكنا من استشراف آفاق المستقبل وإظهار نقط القوة والضعف وذلك بمشاركة فعالة من قبل الاغلبية والمعارضة التي استشعرت الدور المهم الذي يخوله لها الدستور الجديد.
واعتبر بيد الله أن من أقوى محطات مناقشة المشروع التصويت بالإجماع على كل مشاريع الميزانيات المتعلقة بالسيادة الوطنية٬ وكذا التجاوب بالإيجاب مع الاجراءات المتعلقة بآليات الحكامة٬ موضحا أن الامر يتعلق برسالة مهمة جدا تبرز إدراك المستشارين لأهمية تقوية الصف الداخلي لمجابهة التحديات المستقبلية ومعالجة القضايا المصيرية للمغرب وخصوصا قضية الوحدة الترابية للمملكة وهي قضايا مصيرية لا يمكن إلا أن تكون محط إجماع من قبل جميع المغاربة أينما كانوا.
وفضلا عن ذلك ٬ يضيف بيد الله، فإن مسار مناقشة المشروع بالغرفة الثانية أبان عن اهتمام كبير من قبل المستشارين بالجبايات حيث عرفت لجنة المالية تدخلات مهمة للدفع باتجاه تحقيق العدالة الجبائية سواء من قبل الأغلبية أو المعارضة وبالتالي فإن هذا الاهتمام سيكون له انعكاس على المناظرة الوطنية لإصلاح الجبايات التي ستنظمها الحكومة في غضون السنة المقبلة.
ومن بين الرسائل المستخلصة من هذه المحطة ما يتعلق – بحسب رئيس مجلس المستشارين- بالجمارك التي حظيت باهتمام خاص نابع من أهمية القطاع ودوره الكبير لا سيما في جلب الاستثمارات الخارجية وكذا تشجيع مغاربة العالم على الاستثمار في بلدهم٬ مضيفا أن الاهتمام بالمال العام من خلال النقاش الحاد حول الصناديق والحسابات الخصوصية٬ يترجم الدور المتنامي للمستشارين في ما يخص الحكامة والشفافية.
وابرز أن التوازن الماكرو- اقتصادي والحفاظ على صحة ومناعة الاقتصاد الوطني في جميع جوانبه استأثر بحيز وافر من النقاش وهو ما يؤشر على “معرفة كبيرة للمستشارين البرلمانيين بالقضايا الجوهرية المتعلقة بعدد من مجالات الاقتصاد الوطني بما في ذلك المقاولات الصغرى والمتوسطة” ٬ مذكرا بالتعديلات التي تقدمت بها الفرق والرامية إلى دعم هذا الصنف من المقاولات بالنظر لدوره في خلق الثروات وبالتالي إحداث مناصب الشغل.
وبعد أن نوه بمكونات المجلس على روح المسؤولية التي تميزوا بها خلال مناقشة مشروع القانون المالي أكد السيد بيد الله أن هذه المحطة تميزت، ليس فقط بعدد التعديلات التي تم تقديمها والتي وصلت إلى 242 تعديلا منها 35 للأغلبية و 203 للمعارضة٬ وإنما أيضا بتقديم الحكومة لأربع تعديلات٬ الأمر الذي يدل على أن هذه الغرفة تبقى صمام أمان وملجأ مهما لتدارك ما لم يتم الانتباه إليه في الغرفة الاولى وبالتالي فإن “مجلس المستشارين ليس غرفة تسجيل”.
إعداد: عبد القادر الحجاجي (وكالة المغرب العربي للأنباء)