بقلم: حميد زيد (موقع “كود”)
“أكورا بريس”، تنشر هدا المقال التحفة لكاتبه حميد زيد، لأن حميد كاتب صحافي متميز بقوة الالتقاط والملاحظة، ولأنه متميز في عجن ما يلتقطه في قصعة خاصة به، يمتزج فيها أسلوب الكتابة الساخرة بالكتابة العالمة، أسلوب الكتابة الصحفية والأدبية، حيث تكتمل الصورة واللذة.
ننشر المقال بدون إذن حميد وأحمد، لسبب بسيط وطريف، مفاده أن الأكوري “كايتسال بأثر رجعي في أغلب الصحافيين وأغلب المنابر الإعلامية الوطنية”.
إليكم مقال حميد زيد على هامش الندوة الصحفية لجماعة “العدل والإحسان”:
كان أحد الصوفية يكتفي كل يوم بأكل زبيبة واحدة حتى التصق بطنه بظهره، وقيل إنه مكث على هذه الحال نحو أربعين سنة، وهناك منهم من كان يأكل الطين ويتغذى به، إلا أنني وحين حضرت اللقاء الصحفي الذي نظمته جماعة العدل والإحسان أكلت الفستق في حضرتهم، وكان لذيذا ومقويا، فغادرت اللقاء وأنا ممتن للأمين العام الجديد الداعية إلى الله محمد عبادي، ولا أخفيكم أن الفستق والأكاجو لهما طعم خاص عند الجماعة، ومثل هذه المكسرات هي من العطايا الربانية التي غيرت نظرتي إلى الجماعة، وجعلتني أشك في ما أسمعه عنها وعن المتصوفة، والدليل على ذلك أنهم لم يفرضوا على أحد أن يكتفي بأكل زبيبة واحدة وأن يظل جائعا ببطن فارغة.
مع ذلك، لم يخل اللقاء الصحفي الذي نظمته الجماعة من كرامات، فقد حضر الصحفيون ليعرفوا المرشد الجديد، ليتفاجؤوا بأن الشيخ الراحل مازال هو هو مرشدا للجماعة، ورغم أنه غادر دار الفناء، فقد ارتأى مجلس الشورى أن يحتفظ له بمكانته، كأنهم يقولون إن الشيخ عبد السلام ياسين لم يمت، وإنه سيبقى مرشدا للجماعة إلى الأبد.
بهذه الطريقة وضعت الجماعة المخزن في ورطة، فلا يمكن والحالة هذه، وضع الشيخ الراحل تحت الإقامة الإجبارية، إنه موجود ومرشد عام وغير موجود أيضا، حي وميت، وروحه مازالت حاضرة وهي المرشد العام، بينما لا يمكن لأجهزة الأمن القبض على الروح، لأن هذا من اختصاص ملك الموت وحده، الذي له أعوان يستخرجون روح العبد من جسده حتى تبلغ الحلقوم، فيتناولها عزرائيل، والعهدة على ابن كثير، وكل مخابرات الدنيا ومهما كانت ذكية ليس بمقدورها أن تعثر على روح المرحوم، بل حتى عفاريت بنكيران لن تستطيع ذلك.
معجزة أخرى رأيتها بأم عيني، وتمثلت في اكتشافي لزميلات صحفيات يشتغلن في الآخرة، فبينما كنا نحن الصحفيين الورقيين والإلكترونيين نعمل دون استثناء في الحياة الدنيا، تفاجأنا بصحفية طرحت سؤالا لموقع اسمه أخوات الآخرة، تابع للقطاع النسائي للجماعة، والغريب أن زميلتنا كانت من لحم ودم، وجلست هي الأخرى على كرسي، فتيقنت أنني موجود في لحظة برزخية، وأنني بين الحياة والموت، وبين الدنيا الفانية والآخرة، فنظرت مليا إلى زميلتي كي أتأكد ما إذا كان ما أسمعه يحدث فعلا أم أنني غائب عن الوعي وأحلم بأنني في ندوة يحضرها صحفيون من عالم الغيب، ولم أستيقظ من غيبتي إلا بعد أن عدت إلى البيت، وبحثت في غوغل، وعثرت على الموقع، الذي يجب أن تحصل صاحباته أيضا على بطاقة الصحافة، وأن يلتقي بهن الخلفي، ولا يقصيهن، فالمغرب لكل أهله، ونحن زملاء في هذه المهنة، سواء كنا أخوات آخرة أو إخوانا نعيش في الحياة الدنيا.
في نفس الندوة الصحفية اعترف الداعية إلى الله محمد عبادي أنه لم يكن مستعدا لتحمل المسؤولية التي ألقيت على عاتقه، إلا أنه صرح في نفس الوقت أن كل عضو في الجماعة مؤهل ليقود دولة ويسيرها، ولأن الدول معدودة، وأعضاء الجماعة كثر، فإنه يجب صنع دول جديدة، ولو كانت صغيرة، لينقذ أتباع الشيخ ياسين العالم بالعدل والإحسان، فهم الأفضل والأكثر ورعا وتقوى، ولولا القمع والحظر المفروض عليهم، لعشنا معهم في الجنة، دون أن نضطر إلى مغادرة المغرب، تماما مثل الأخوات الزميلات اللواتي يقطن في الآخرة، ويزرننا بين الفينة والأخرى ليكتبن الأخبار وينشرنها من فيلا الشيخ في حي السلام بسلا، وعندما ينتهين من عملهن يأكلن معنا الفستق، ثم يعدن بعد ذلك إلى الآخرة، دون حاجة إلى تأشيرة أو جواز سفر، فيحكين للناس هناك ما يحدث لنا هنا، وهي أمور يصعب استيعابها إلا إذا كنت تمتلك ناصية العلم الرباني.