بيان مشترك: المغرب و’سانت لوسيا’ عازمان على تعميق تعاونهما الثنائي
وجه الملك محمد السادس رسالة سامية إلى المشاركين في أشغال المناظرة الوطنية حول السينما التي افتتحت أشغالها مساء الثلاثاء 16 أكتوبر الجاري، بالرباط .
وفي ما يلي نص الرسالة الملكية التي تلاها مستشار الملك٬ عبد اللطيف المنوني:
“الحمد لله وحده٬ والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
حضرات السيدات والسادة٬
يطيب لنا٬ بمناسبة انعقاد المناظرة الوطنية حول السينما٬ أن نتوجه إلى أفراد الأسرة العاملة في المجال السينمائي الوطني٬ لتهنئتهم على ما حققوه من تطور فني وتقني٬ أدى إلى تنمية الحضور السينمائي في الحياة الثقافية والاجتماعية٬ وللتعبير عن تطلعاتنا بأن يكون هذا الملتقى بداية لانطلاقة سينمائية مغربية ثانية تمكن من الارتقاء بالإنتاج السينمائي الوطني في هذا الميدان الإبداعي الحيوي٬ وتتيح فرصا أوسع لإشعاع بلادنا.
وإنه لمن دواعي سرورنا أن تلتئم هذه المناظرة الهامة٬ وبلادنا تراكم المكتسبات في حقل الإبداع الثقافي والفني.
حضرات السيدات والسادة٬
إذا كان المغرب بماضيه الحضاري العريق٬ ورصيده العلمي المتجذر٬ قد بلور هويته الثقافية بروافدها المتضامنة٬ فإنه تمكن في حاضره أيضا٬ من ترسيخ وتثبيت هذه الهوية الثقافية الأصيلة والمنفتحة من خلال إغنائها بخاصيات التنوع٬ وفضائل التعددية٬ ومزايا الانفتاح والتفتح على المثل الكونية النبيلة.
وحرصا منا على تثمين الرصيد الثقافي والفني لبلادنا٬ ما فتئنا نولي عناية خاصة ورعاية موصولة للشأن السينمائي الوطني والعاملين فيه٬ مع إيلاء اهتمامنا بكل المخططات الهادفة إلى حسن تأهيل هذا القطاع وتطويره٬ بتوفير الدعم والرعاية للإنتاجات والمبادرات والتظاهرات السينمائية.
وإننا لمرتاحون من كون العديد من المهرجانات السينمائية الوطنية قد أصبحت ذات صيت عالمي وإشعاع قاري أو إقليمي٬ مشكلة بذلك نقطة جذب ثقافي فني لبلادنا٬ الأمر الذي يجعل من تطويرها وحسن مواكبتها وتأطيرها٬ وتنمية قدراتها المهنية والاحترافية٬ بجدية ومسؤولية٬ أحد أوجب الواجبات لضمان استمرارها والرفع من جودتها ومستوى أدائها.
حضرات السيدات والسادة٬
إننا إذ نستحضر عطاءات السينما المغربية خلال العقود الخمسة المنصرمة٬ وما أسهم به كتابها ومخرجوها وممثلوها وفنيوها من أعمال٬ وإذ نسجل الآثار الإيجابية للسياسات العمومية التي واكبت وأطرت هذا العطاء الفني٬ سواء بتوفير مناخ الحرية المسؤولة٬ أو باعتماد أسلوب الدعم والتحفيز المباشرين٬ نود اليوم أن نؤكد على أهمية تعبئة جميع الفعاليات٬ من خلال إعمال المقاربة التشاركية٬ مع مبدعي ومهنيي هذا القطاع الثقافي الحيوي٬ والتجاوب الدائم مع انشغالاتهم وتطلعاتهم٬ من أجل الارتقاء بوضعية الإنتاج السينمائي الوطني على كافة المستويات٬ آملين أن تسفر هذه المناظرة الوطنية عن النتائج الكفيلة بإنارة الطريق٬ لبلوغ الغايات المرجوة٬ من خلال توحيد الرؤى٬ وتجميع الجهود والطاقات.
وفي هذا الصدد٬ فإننا نثمن المقاربة التشاركية التي تم في إطارها إعداد المخطط التأهيلي الشامل من طرف الوزارة الوصية٬ وذلك بالتشاور مع المركز السينمائي المغربي والقطاعات والمؤسسات الحكومية الأخرى٬ بالإضافة إلى الفعاليات والكفاءات المعنية بالصناعة السينمائية في بلادنا. كما نتطلع إلى أن تحقق أعمالكم نقلة نوعية في مسيرة هذا القطاع.
إن هذا المخطط الإصلاحي الذي ستتبلور صيغته النهائية ٬ من خلال حواراتكم ومناقشاتكم في هذه المناظرة ٬ سيمكن بعون الله ٬ من تحقيق نقلة نوعية في مسيرة هذا القطاع٬ يقينا منا أن بلوغ النهضة السينمائية الوطنية المنشودة ٬ يستوجب سياسة عمومية ناجعة وذات أبعاد متعددة.
حضرات السيدات والسادة٬
إننا إذ نؤكد بهذه المناسبة٬ على أهمية التنسيق والتعاون بين كافة القطاعات الحكومية المعنية٬ للتعامل الإيجابي والبناء مع خلاصات مناظرتكم هذه٬ نود أن نشدد في هذا الصدد على أن الهدف الأسمى الذي نتوخاه٬ يتمثل أولا في صيانة المكتسبات المسجلة في القطاع السينمائي٬ وتوفير المزيد من أسباب تطويره وإنمائه٬ مع التركيز على تحقيق الجودة في الإنتاج٬ للانتقال من الرصيد الكمي إلى التراكم الكيفي٬ في إطار تثمين الهوية المغربية٬ والانفتاح الواعي والمتبصر على تفاعل الثقافات والقيم الإنسانية الكونية٬ والحرص على ضمان حرية الإبداع٬ ورعاية المبدعين٬ ودعم مبادراتهم الجادة والهادفة٬ مستحضرين باستمرار الرسالة النبيلة للإبداع السينمائي٬ وحاجتنا الملحة إلى إنتاج سينمائي وطني٬ يقوم على توطيد الشخصية الثقافية الوطنية٬ ورفع إشعاع الرصيد الحضاري والثقافي والتاريخي للمغرب٬ والحفاظ على جاذبيته وتنافسيته.
وفي هذا الاتجاه٬ سيكون على إنتاجنا السينمائي أيضا٬ أن يواكب التحولات والمنجزات التي تحققها بلادنا٬ وهي تواصل بإصرار وثبات٬ بناء مسارها التنموي٬ وترسخ في أجواء من الاستقرار والتوافق٬ نموذجها الحضاري المتفرد.
وفق الله أعمالكم٬ ويسر لكم سبل الوصول إلى ما تأملونه من نتائج مرضية لهذه المناظرة. والله المستعان.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.