انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية
الطالب سفيان الأزمي
منذ صعود الحكومة الملتحية و الحزب الحاكم يوزع الأدوار بين أطرافه ومؤسساته حتى يتم صرف نظر الشعب، الذي بدأ يمل غياب الجرعة الضرورية في التعاطي مع المشاكل الحقيقية للبلاد.
كل مرة تخرج أطراف الحزب الحاكم بنكتة حتى تنسينا نكبة، و كلما كانت معضلة غير قابلة للحل تخرج ملهاة، فما حدث في المدينة القديمة بالدار البيضاء لا يستأثر بإهتمام الحكومة الملتحية، التي سكت أقطابها عن الكلام المباح، و وحده وزير السكنى تطوع ليزف للمغاربة تحويل مبلغ 30 مليون درهم للمدينة القديمة، ربما لطلاء جدرانها حتى تنهار و هي مُسِرَّة للناظرين. الحكومة لا تملك أجوبة جوهرية شاملة، و لهذا فإن أطرافها تتكلف بإلهاء الشعب بقضايا أخرى تعتبرها أكثر جوهرية من أرواح الناس.
فهذا الفقيه، عضو مجمع الفقه الإسلامي في السعودية الذي يعيش حيث يعرف الجميع، في مجتمع يؤمن بالحريات و الديمقراطية بالمطلق ويمثل الجناح الدعوي للحزب الحاكم، يتطوع كل مرة ليقول لنا ما يجوز وما لا يجوز بإسم المقدس الذي احتكره لنفسه، المقدس الذي يلوذ بالصمت في أشياء أخرى، فمعضلة التشغيل ليس لها جواب جوهري سوى “الرزاق هو الله” وانهيار المنازل ليس له من جواب سوى الله يرحم الموتى، و الله يجعل البركة في الأحياء حتى يصوتوا من جديد لدعاة الملهاة، وغياب سياسة ناجعة للإستشفاء جوابها هو أن الشافي هو الله، كأن أمة الإسلام لم تعرف الطب، و كأن الرازي و ابن سينا و ابن رشد و غيرهم كانوا يلوكون الكلام في شفائهم للناس.
صمت الحكومة وعدم قدرتها على الوفاء بوعودها المعسولة أيام الحراك مضر بها و بقاعدتها الإجتماعية ومستقبلها السياسي، إذن لا بد من ملأ الفراغ و إلهاء الناس عن الجوهر، ودفع الأطراف الأخرى إلى إختلاق معارك و همية من أجل إلهاء الشعب كما يحدث كل أسبوع في البرلمان، حيث لا يملك نواب الحزب الحاكم إلا جرأة إنتقاد الآخر، مثل ما حدث في تعيينات الولاة والعمال، وتعميم الإتهامات بالفساد عوض طرح ملفات الفساد التي بين أيديهم على أنظار الشعب ودفع السلطة القضائية لتحمل مسؤوليتها. فالفساد بالنسبة إليهم هو عدم محاباة السلطة الإدارية لبعض منتخبيهم، خصوصا البرلمانيين من أجل دفع السلطة إلى تسهيل اختراقهم للنسيج الإجتماعي باستعمال الموروث المشترك و المقدس لأهداف انتخابية محضة.
الخروج العنتري للحزب الحاكم في مواجهة الولاة و العمال لا يعني الذين تم استبعادهم، وإنما الذين تم تعيينهم حتى يتم افهامهم أن الحزب الآن يتحكم في مصائرهم، و أن بقاءهم من عدمه يتحكم فيه مسؤولوا العدالة و التنمية في الأقاليم و الجهات، ناسين أن الدستور يضع الإدارة العمومية رهن إشارة الحكومة من أجل تنفيذ سياستها العامة و ليس رهن إشارة أجهزة الحزب الحاكم من أجل تصريف إستراتيجيتها الانتخابية.
فالولاة و العمال تم تعيينهم كممثلين للدولة للسهر على تنفيذ السياسة العامة للحكومة في إطار القانون رضي عنهم “بوانو” أم لم يرض، و تراهاته تبقى غير ملزمة للدولة لا هو و لا غيره من مسؤولي الحزب الحاكم، الذين لا يمارسون تسيير الشأن العام إلا في إطار المهام الإنتخابية وباسم أحزابهم في كل الهيئات المنتخبة، أما الإدارة العمومية فمسؤولوها غير منتخبين و لا يمثلون الأحزاب، حتى و إن كانت حاكمة لأنها لا تمثل و لا تحاسب إلا حيث يعطيها الدستور الحق، و إلا فإن غدا سنجد في الإدارة العمومية من يمثل هذا الحزب أو ذاك ولا يشتغل إلا بإمرة حزبه و موقعه داخل أو خارج الحكومة في الوقت الذي يجب أن يمثل فيه الدولة في كليتها بما يمثله من استمرارية في أداء مهامه بعيدا عن الحسابات السياسوية والإنتخابوية.
لعبة الملهاة تختار لنفسها دائما ما تثير به الفرجة و يحقق المطلوب، و في ظل غياب الملموس عاش المغاربة على حلقات نكتة اللوائح، لوائح مأذونيات النقل ولوائح الجمعيات في انتظار لوائح الرمال و البحار، لأن نشر اللوائح يخلق الفرجة ويلهي الناس، وكل مرة، و عند كل استحقاق، و عند كل كبوة حكومية تخرج لائحة أو تكون خرجة، فهناك خرجات تستهدف إلهاء الشارع العريض، وهناك خرجات تستهدف النخبة.
النخبة لها حساسية لموضوع الحريات، و هو موضوع استفاد منه الحزب في المرحلة السابقة و لا بد للحزب أن يبحث لنفسه عن قضايا يتعيش منها أمام الرأي العام، و إذا لم يجدها فلا بد له أن يختلقها و هذا ما حدث.
إن قصة شاب من فاس كان يعيش أزمة نفسية، هجر بيت عائلته بعد عدم توفقه في دراسته، و في الرباط تلقفته أيادي اعتبرت أنه يحتاج علاجا عند ذوي الإختصاص في مستشفى عمومي للأمراض العقلية، حالة تتكرر أكثر من مرة في اليوم في كل المدن المغربية، لكن ما هو استثنائي هو أن الشاب كان عضوا في منظمة التجديد الطلابي، التابعة تنظيميا لحركة التوحيد و الإصلاح، الذراع الدعوي للحزب الحاكم، فهذا المعطى يوفر له الحق في التبني من طرف أوركسترا الملهاة، حيث بدأت الحكاية مع جريدة “التجديد”، الذراع الإعلامي للحركة وحزبها الحاكم، التي تطوعت بطرح القضية على الرأي العام في شكل اختطاف، وتطوعت معها منظمة التجديد الطلابي و منظمة منتدى الكرامة، الذراع الحقوقي للحزب الحاكم من أجل الترويج للقضية على أساس أنها اختطاف، وما لم تقله “التجديد” تطوعت بالترويج له على أساس أنه حقائق يومية “المساء” بأمر من “الواد عبد العال” و صنوه “بلال”، لأن ما ينشر في “المساء” هو أبلغ مصداقية و تأثيرا من لغو “التجديد”.
قبل اللجوء إلى أوركسترا الملهاة و أدرعها الإعلامية يعرف الحزب الحاكم، وحركة الحزب الحاكم و منتدى الحزب الحاكم، و منظمة طلاب الحزب الحاكم، أن النيابة العامة بيد رجل من الحزب الحاكم أمر بفتح تحقيق حول الأمر و كل الحقائق لا تخدم فرضية الإختطاف، فلماذا لا يلجأ الحزب الحاكم و أذرعه التنظيمية و الدعوية و الإعلامية و الحقوقية و الطلابية إلى رجل الحزب الحاكم لإستبيان الحقيقة عوض تحريك الوأركسترا؟ إنها استراتيجية الإلهاء لأن فيها خير الحزب الحاكم، الذي استفاد أيما استفادة من المظلومية، و هو اليوم لا يمكن أن يعيش بدونها في أفق الإنتخابات الجماعية المقبلة، لأن الشعب بدأ يتبرم من عدم الوفاء بالوعود و غياب الأجوبة على كل الأسئلة حتى يتم إفهام الرأي العام أن الكروكوديلات و التماسيح و العفاريت هي المسؤولة عن غياب مناصب التشغيل و الأسرة في المستشفيات، و الخصاص في النقل والسكن و الحفر في الطرقات، و أن الحكومة تريد أن تغير، ولكن الثلاثي السابق هو الذي يمنعها، و أن أطفال بن جرير الذين سحقهم “تران” الحكومة أجبرهم الثلاثي على الوقوف أمام القطار عوض أن تتخذ الحكومة ووزير نقلها قرار بإقامة حراسة ليل نهار في كل الممرات غير المحروسة للقطارات، عوض أن يدفع الكرة إلى ملعب الجماعات المحلية أو السلطة المحلية، أما العفاريت و التماسيح و الكروكوديلات فهي براء من إخفاق الحكومة، و أن الذين صاغوا برنامج الحكومة وقانون المالية ليسوا أشباحا وليتحملوا مسؤوليتهم في تسمية الأشياء بمسمياتها، أما لعبة “عبد العال” و صنوه فلن تعمر طويلا، ولن ترتق بكارة حزب يملك من السلطة والوسائل أكثر من سابقيه منذ الاستقلال، أما إلهاء الرأي العام أو اختلاق الفرجة والملهاة، ولو بالبهتان فهو كذب و حبله قصير.
حمو واليزيد الأكوري