سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
بقلم: خالد أشيبان: فاعل سياسي وجمعوي
غريب وعجيب ذلك البرنامج الحكومي الذي خرج به بنكيران على المغاربة صبيحة يوم الخميس، فطيلة ساعة ونصف من الزمن والمغاربة يستمعون لخطاب السيد رئيس الحكومة الذي أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه يفتقر لأبسط مرتكزات برنامج حكومي وهي الأرقام.
السيد بنكيران وحكومته أبدعوا موضوعاً إنشائياً يستحق التصفيق على بلاغته وسلامة نحوه، لكنهم نسوا أو تناسوا أن المغاربة كانوا ينتظرون حلولاً لمشاكلهم ترتكز على أرقام ومعطيات ميدانية سيتم التعامل معها حسب جدول زمني محدد وممنهج.
سيقول البعض أننا نتحامل على حكومة السيد بنكيران وأننا نعارض فقط من أجل المعارضة، لكن ينبغي على هؤلاء فقط أن يقارنوا بين برنامج العدالة والتنمية الانتخابي وبرنامج بنكيران الحكومي ليجدوا أن الفرق بين الوثيقتين كبير وشاسع. فالحزب الحاكم اليوم قطع على نفسه خلال الحملة الانتخابية وعوداً مرقمة بعد أن بدأ برنامجه الحكومي بتحليل مرقم ودقيق لوضعية البلاد معتمداً على مؤشرات المنظمات الدولية. واليوم خرج بنكيران على المغاربة بوثيقة تحتوي على ثلاث أرقام هي نسبة النمو والبطالة والتضخم التي لم تخلوا هي الأخرى من المفاجآت، فالسيد رئيس الحكومة وعد المغاربة بنسبة نمو 7% لتصبح اليوم وبقدرة قادر 5,5%.
كانت ستكون سعادتي كبيرة لو تشبث السيد بنكيران بوعوده الطموحة أمام المغاربة وتضمن برنامجه الحكومي نسبة نمو 7%، وثلاثة آلاف درهم كحد أدنى للأجور، و 100.000 منحة للتدريب، ومجموعة من الوعود الأخرى ليكون بالفعل مطابقاً لبرنامجه الانتخابي.
كل الوعود تبخرت اليوم حتى قبل أن تبدأ الحكومة عملها. لم يتضمن البرنامج رقماً واحداً يخص التعليم والصحة والسكن، و تطرق لقضايا وأهمل أخرى، وتنكر لهيئة الإنصاف والمصالحة وكأنها لم تكن، وتحدث عن الحكامة دون أن يحدد الميكنزمات الكفيلة بتجويدها، وأشار إلى الجهوية المتقدمة، وتناسى مغاربة الخارج، وتحدث عن مؤسسات جديدة وكأن مشاكل المغرب مرتبطة بإنشاء مجالس ووكالات جديدة في الوقت التي تقوم فيه كل حكومات العالم بتبني برامج تقشف و “تزيار الصمطة”.
ما ميز خطاب بنكيران اليوم هو اشارته إلى عمل الحكومة على ضمان المناصفة وتمثيلية النساء وكأن السيد رئيس الحكومة نسي بأن حكومته الثلاثينية لا تضم إلى إمرأة وحيدة في تشكيلتها التي ضرب بها بنكيران مقتضيات الدستور الجديد والفصل 19 منه بعرض الحائط.
ولعل الرسالة التي بعثتها النساء البرلمانيات إلى رئيس الحكومة قبل أن يبدأ خطابه قد وصلت، فسيدة واحدة لا تكفي لتمثيل نصف المجتمع الذي شرف البلاد في جميع المجلات واستطعن القيام في بعض الأوقات بأمور عجز الرجال عن القيام بها. لا يجب على الحكومة أن تنسى ان بلادنا أنجبت في يوم من الأيام نساءً كمليكة الفاسي و نوال المتوكل ونزهة بدوان وعائشة الشنا و أمينة بنخضرة وليلى غاندي وعائشة بلعربي وخديجة الرويسي والعديد من الأسماء التي ساهمت بنضالاتها وخبرتها في تطور المغرب ونموه.
أتمنى أن يتجاوز السيد بنكيران محنته بسرعة لأن البلد لن يتحمل بعد اليوم الدخول في نفق مظلم في زمن الثورات. فالشعب المغربي اليوم تطلعاته كبيرة والحلول قليلة والحكومة يجب أن تمتلك الجرأة والشجاعة لمصارحة المغاربة والقطع مع الخطابات الشعبوية بإجراءات فعلية وسريعة تضع المواطن المغربي وهمومه في قلب اهتماماتها.