بقلم: خالد أشيبان: فاعل سياسي وجمعوي مستشار سابق لوزير الشباب والرياضة
أخيراً وبعد مسلسل من التشويق ظهرت التشكيلة الحكومية الجديدة لبنكيران وعادت الحياة الطبيعية للإدارة المغربية. لم تأت الهيكلة الجديدة بجديد يذكر، سوى اختزال غير مفهوم لمقاعد النساء. فبعد أن كان للنساء سبع مقاعد في حكومة عباس، تم ضرب هذا المكتسب عرض الحائط ولم تعطى النساء إلا حقيبة الأسرة والتضامن ووضع على رأسها امرأة كانت من أكبر المعارضين لمدونة الأسرة، ومن المدافعين الشرسين على تعدد الزوجات.
كنا نود أن تكشف الهيكلة الحكومية عن جديد يكرس المكتسبات ويدخل المغرب حقبة جديدة. كم كان سيكون جميلاً في أعين المغاربة تقليص عدد الحقائب إلى عشرين حقيبة على الأكثر مناصفةً بين النساء والرجال في أول خطوة نحو تنزيل سليم لمقتضيات الدستور الجديد من خلال الفصل 19. كم كانت ستكون فرحة المغاربة كبيرة لو احترمت شعاراتهم ومطالبهم باستوزار كفاءات تمثلهم أحسن تمثيل يكون همها الأول الوطن والمواطن، وأن لا يتم اللجوء لمبدأ القرابة العائلية والدفاع عن المصالح الشخصية والزبونية والمحسوبية التي صرخ المغاربة ضدها حتى بحت الحناجر.
كنت أود شخصياً لو تم تقسيم بعض الوزارات، حيث أنه لم يعد من المقبول أن يتم جمع قطاعات الشباب والرياضة مثلاً في حقيبة واحدة بميزانية واحدة من أصغر ميزانيات البلاد مع أن الرياضة هي قطاع حيوي يعد فعلاً مقياساً لتقدم البلاد، و قطاع الشباب هو قطاع يمثل 70% من المغاربة، ولا يمكن حصره في وزارة واحدة لأن البرنامج الحكومي الشامل يجب أن يكون برنامج موجه للشباب. قطاعا التجهيز والنقل كذلك لم يعد من المقبول الجمع بينهما في حقيبة واحدة..
بعض الوزارات تم استنساخها كالداخلية والخارجية والمالية لأسباب لا يعرفها إلا من استنسخها. وزارة الفلاحة والصيد البحري بقيت في يد عزيز اخنوش بعض استقالته من حزب خسر الانتخابات وخرج إلى المعارضة!!
السؤال الذي يفرض نفسه: لم يعد أحد يتكلم عن الجهوية الموسعة بعض الانتخابات !! فهل تمت مراعاة هذا المعطى أثناء هندسة التشكيلة الحكومية أم تم اعتباره من الملحقات؟ وهل سيتم الحفاظ على نفس التحالفات الحالية أثناء الانتخابات المحلية والجهوية، أم أننا سنعيش من جديد نفس مسلسل النفاق السياسي والتوبة السياسية لبعض الأطراف بغرض تسيير الشأن المحلي بأي وسيلة؟
من بين غرائب هذه الحكومة هو أن وزرائها التحقوا بمكاتب الوزارات حتى قبل أن تحصل حكومتهم على ثقة البرلمان وتقديم التصريح الحكومي. كما لو أن بنكيران من خلال هذا التصرف يلغي سلطة البرلمان علماً أن البيت الاستقلالي يغلي بعد الكشف عن لائحة وزراء الحزب والمفاجآت منتظرة داخل البرلمان من طرف برلمانيي شباط. لائحة الحركة الشعبية كذلك لم تخلو من المفاجآت، فالوزير الجديد المكلف بتحديث القطاعات لا يعرفه إلا من أتى به.
أهم التحديات أمام حكومة بنكيران اليوم :
– قانون مالية يحظى بثقة البرلمان ويحقق نسبة نمو معقولة لخلق أكبر عدد ممكن من فرص الشغل، لان الشارع المغربي يغلي وتطلعات المغاربة كبيرة.
– سن القوانين التنظيمية لكافة المؤسسات التي جاء بها دستور 2011 ليتم بالفعل تنزيل سليم وديمقراطي لمقتضيات هذا الدستور.
– تحديث الإدارة المغربية وتبسيط المساطر لتشجيع الاستثمار ومحاربة الرشوة.
– إصلاح المنظومة القضائية الذي يعتبر من أهم التزامات المملكة أمام شركائها وخصوصاً الوضع المتقدم الذي حصل عليه المغرب من الاتحاد الاروبي.
– إصلاح المنظومة التعليمية لتوفير يد عاملة مؤهلة ومختصة لا يمكن للمغرب أن ينافس في الأسواق العالمية و يستقطب أكبر عدد من المستثمرين من دون توفرها.
– إعادة النظر في نظام المقاصة الذي يستفيد منه اليوم الأغنياء قبل الفقراء و التفكير في السبل الكفيلة بإيصال الدعم لم يستحقه عبر قنوات جديدة.
– تعميم التغطية الصحية على كافة المغاربة وضمان توفر البنية التحتية الطبية بالمناطق النائية و تزويدها بالخبرات و المعدات اللازمة.
– و أخيراً, ضمان نزاهة الانتخابات المحلية والجهوية لإفراز نخبة مؤهلة وقادرة على تسيير الشأن العام وضمان مرور سليم إلى نظام الجهوية الموسعة الذي يعد الرهان الحقيقي لحكومة بنكيران.