الملك محمد السادس يهنئ دونالد ترامب بمناسبة انتخابه مجددا رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية
بقلم: عبد الحميد جماهري، “عامود كسر الخاطر” جريد الاتحاد الاشتراكي
هل كان من الممكن أن نعفي أنفسنا من نقاش ساخن وحاد حول إشكال فقهي دستوري؟
هل كان من الممكن أن نعفي أنفسنا من حرارة النقاش حول الإشكال التقني الدستوري، أو ميكانيك تنزيل الدستور؟
قد يميل المحلل إلى أن القضية ليست مهمة، وهو في الواقع توجه يلغي العديد من نقط الارتكاز.
أولها أن الدستور الجديد، يعرف أول تنزيلاته في البرلمان وليس خارجه فقط. وقد تابعنا كيف أن جزءا من القوانين التنظيمية المتعلقة بالأحزاب والانتخابات عرف نقاشات ساخنة بين السياسيين من كل الأطراف، بين الأغلبية السابقة والمعارضة السابقة، وبين أطراف من الأغلبية وأطراف من المعارضة، ورأينا كيف أن التصريحات والخرجات القوية والساخنة وصلت إلى حد التهديد بالقطيعة بين الدولة والمعارضة السابقة.
يجب ألا يغيب عنا هذا، وهو مرتبط بالتنزيل الأول للدستور في القوانين التي مضت.
لم تدخرالمعارضة السابقة أية وسيلة للتعريف بمشروعها، وبمقترحاتها، بل وصلت إلى حد إعطاء الرأي في الانتخابات التي كانت وقتها في طور الإعداد.
وثاني المبررات التي تجعل من حرارة النقاش مسألة مطلوبة، هو أن حسم الأغلبية لأغلبيتها لا يعني بالضرورة التسليم بذلك مهما كانت التطويعات الدستورية والاختراقات الممكنة لنص الدستور وروحه.
ولنقلها بكل الوضوح الممكن، إن السلم السياسي، وحتى العدالة الاجتماعية كنتيجة له، لا يمكنهما أن يقوما بتخطي وتجاوز وعدم احترام التعقيدات الدستورية.
هي تجربة العالم الحر الذي قطع مسارات طويلة في دولة المؤسسات.
وعندما نكون نسعى إلى دسترة علاقة الدولة والمجتمع، ودسترة النظام السياسي وإعطاء الدستور مكانته الأساسية في ضبط السلط والعلاقات، لا يمكن أن نستسيغ ونسلم بوجود إشكالات دستورية قابلة للنسيان أو التجاوز.
لقد جاءت افتتاحية «العلم» يوم أمس مطمئنة من حيث دفاعها عن حيوية النقاش والمساءلة القانونية والمسألة الدستورية، وما إلى ذلك، وهي القراءة التي نريد بالفعل أن تتعمم، في علاقات السياسيين بينهم، والأحزاب والفئات والمؤسسات.
والدليل على أن النقاش كان ضروريا، هو أن الحرارة داخل القاعة لم تكن حرارة مفتعلة بقدر ما كان فيها اجتهاد نصوص وتدخلات – المرئي منها والمكتوب!- للدفاع عن وجهة النظر، بالنسبة للأغلبية أو بالنسبة للحكومة.
ثالث المبررات هو أن المعارضة لايمكنها أن تسلم دوما بتأويل الأغلبية للنص الدستوري أو للسلطات المخولة لها.. المعارضة لها حق الرأي والموقف، ولها، أيضا، حماية التأويل من شطط الأغلبية، والتي يسلم بها المشرع على أن تكون داخل الإطار القانوني. وهو تكامل في عمقه يقيم الأسوار الضرورية لاحترام الدستور، كما أنه يضمن التوازن المؤسساتي المطلوب لهذا التنزيل الذي نريده جميعا «ديموقراطيا وتقدميا».
ومن لا معارضة له، لا أغلبية له.