أعلنت أحزاب الكتلة الديمقراطية خلال ندوة صحفية عن أرضيتها البرنمجاتية المشتركة استعدادا لاقتراع 25 نونبر القادم، برئاسة كل من الأمين العام لحزب الاستقلال، عباس الفاسي، والكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبد الواحد الراضي، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بن عبد الله وبحضور قيادات الأحزاب الثلاثة، وذلك اليوم الأربعاء بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. و قد تمحورت الأرضية المعلن عنها تحت شعار:” تعاقد جديد للمستقبل” ، على مجموعة من المحاور.
نص ارضية البرنامج الانتخابي للكتلة:
الكتلة الديمقراطية : تعاقد جديد للمستقبل
إن أحزاب الكتلة الديمقراطية، الوفية لمرجعياتها واختياراتها الوطنية والديمقراطية، ولمواثيقها والتزاماتها اتجاه شعبنا وبلادنا على الدوام، إذ تؤكد تشبثها بمنطلقاتها ومسؤولياتها التاريخية إزاء الوطن والمواطنين، لتستشرف مستقبل المغرب وهو على عتبة زمن سياسي جديد، ورهانات ملحة أضحى من اللازم ربحها، استكمالا لمسيرته من أجل عزة وكرامة المغاربة، ودعما لركائز مشروعه المجتمعي.
فقد شكلت الكتلة الديمقراطية، منذ تأسيسها سنة 1992، أحد مكاسب شعبنا الأساسية في تقوية الصف الوطني الديمقراطي، وتوحيد ممكناتنا ومقْدُراتنا وجُهودِنا لتعميق مسلسل الإصلاحات الدستورية والسياسية في أفق بناء دولة المؤسسات، على أساس تعاقد جديد، يطور التعاقدات الوطنية التاريخية، ويرسي مرتكزات مجتمع جديد بكل مقوماته، مجتمع الغد الذي يقطع مع كل مظاهر الوصاية، انسجاما مع مضامين الدستور، مجتمع يقوم على روح وقيم المواطنة المسؤولة.
فبلادنا تعيش على إيقاع حِراك مجتمعي متفاعل مع محيطه العربي والمغاربي والمتوسطي والدولي. ونُدْرك، في الكتلة الديمقراطية، عمق هذا الحِراك الذي يستمد جذوره المرجعية وثقافته السياسية من تراثنا الوطني الذي عملت القوى
الحية في بلادنا على ترصيده وصيانته، كما ندرك في نفس الآن أن المغرب ، يختط لحاضره ومستقبله، بريادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تجربة مختلفة مقارنة مع باقي الأقطار العربية، لأنه اختار نهجا وطنيا قائما على التعددية وإستراتيجية النضال الديمقراطي، ومباشرة الإصلاح السياسي والمؤسساتي في ظل الاستقرار، وفي إطار تمسك الشعب المغربي وقواه الحية بالثوابت الراسخة للأمة، وهي:
العمق التاريخي للشخصية المغربية بمكوناتها المتعددة الأمازيغية والعربية والإفريقية والمتوسطية، التي تنصهر في إطار الإسلام كعقيدة وتعاليم تنتصر للاجتهاد والتسامح والحوار والتضامن،
المرجعية الوطنية القائمة على وحدتنا الترابية والوطنية واحترام وتكريم رموز الوطن،التشبث بالمؤسسات التي صقلها التاريخ والتي تنفتح على العصرنة، والتي تمثلها الملكية الدستورية الديمقراطية البرلمانية والاجتماعية، المرجعية الديمقراطية التي تقضي بجعل أخلاقيات وآليات المنافسة السياسية تحتكم كلها للخيار الديمقراطي الذي تتقيد به الدولة وكل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين والمجتمع المدني.
من مجتمع الوصاية إلى مجتمع المواطنة المسؤولة
تتطلع الكتلة الديمقراطية إلى العمل على جعل الدستور الجديد واقعا ملموسا يشعر المواطن المغربي بكونه طرفا أساسيا وفاعلا ومستفيدا من مسار الإصلاح والتغيير. وسوف لن يتأتى هذا إلا إذا جعلنا من الدستور إمكانية تاريخية أخرى لتوفير شرط أساس من شروط بناء المجتمع الجديد، مجتمع المواطنة المسؤولة، خصوصا وأن النص الدستوري الجديد، فلسفة ومقتضيات، جاء حاملا لتغييرات عميقة على مستوى العلاقة بين الدولة والمواطن، بين الدولة والتنظيمات السياسية والاجتماعية والثقافية. كما جاء بجيل جديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، يرسم معالم مجتمع الغد، وأقر، بالخصوص بالنسبة للنساء، مبدأ المناصفة في أفق مساواة فعلية بين الجنسين وإشراكٍ حقيقي في القرار، ونص على حقوق الشباب المتطلع إلى مشاركة مؤثرة في الحياة العامة تساعده على تحرير طاقاته الخلاقة.
وفي هذا الإطار، فإن مجتمع المواطنة المسؤولة لا يمكنه أن يتجسد إلا في أفق ديمقراطية تشاركية تشعر الجميع بروح المواطنة الكاملة، وبالثقة في أن المغرب ملك للجميع وبإمكانه أن يحقق مستقبله على أساس تعبئة شاملة، شريطة أن نرد الاعتبار للفعل السياسي النبيل.
إتمام بناء الدولة الديمقراطية : دولة المؤسسات وسيادة القانون
إن الرهان الأساس لمرحلتنا الحالية هو إتمام إرساء دولة المؤسسات وهذا ما تعتقد أحزاب الكتلة الديمقراطية جازمة بأنه تم التأسيس له منذ أن صادق الشعب المغربي بأغلبية واسعة على مضامين ومتن الدستور الجديد.
وهذا ما يستلزم حتما توفير كل الشروط والآليات والتدابير لتطبيق روح ومنطوق الدستور الجديد، بكل مقتضياته وبنوده ومقاصده. والكتلة الديمقراطية تعبر عن حرصها القوي على العمل لأجل التطبيق السليم والديمقراطي لهذا الدستور، والارتقاء النضالي والمؤسساتي إلى مستوى انتظارات شعبنا.
وانطلاقا من إقرار مبدأ سيادة الأمة، فإن التفعيل السليم لمبدأ فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة على جميع المستويات محليا، جهويا ووطنيا، يعتبر أولوية تستلزم تفعيل كل الآليات والتدابير ذات الصلة.
فبخصوص البرلمان فقد خولت له، كمصدر وحيد للتشريع، صلاحيات أوسع في مجال التشريع ومراقبة الحكومة، وتقويم السياسات العمومية، مع التنصيص على صيانة حقوق المعارضة البرلمانية. وبهذا الصدد، تعبر الكتلة الديمقراطية عن إصرارها على المساهمة بقوة في أن تصبح هذه المؤسسة الحيوية فضاء محوريا للحياة السياسية بالبلاد.
كما تنص مقتضيات الدستور على أن الحكومة تمارس السلطة التنفيذية كجهاز فعلي كامل الصلاحيات ومسؤول مباشر على القطاع العام والسياسات العمومية، حيث يصبح رئيس الحكومة، المنبثق من أغلبية برلمانية منسجمة وواضحة المعالم، المسؤول الأول – على رأس حكومة قوية ومتجانسة – على تسطير وتنفيذ السياسات العمومية.
وتعتبر الكتلة الديمقراطية أن الأمر هنا يتعلق بطفرة نوعية أحرزتها بلادنا بفضل الرؤية المواطنة والديمقراطية لملك البلاد، ستمكننا لا محالة من ولوج زمن سياسي جديد يتسم بالفصل الفعلي للسلط.
بخصوص القضاء، تسعى الكتلة الديمقراطية إلى تفعيل مقتضيات الدستور الجديد المتعلقة باستقلالية السلطة القضائية والإسهام في إصلاحها ضمانا لنزاهتها، بهدف تحقيق مبدأ فصل السلط ودعم إرساء دولة المؤسسات، وترسيخ دولة القانون بغية حماية حقوق المواطن وخدمة التنمية.
في سياق هذا المسلسل الإصلاحي، تظل قضية الصحراء المغربية قضية وطنية مركزية، يجب مواصلة إدراجها في مقدمة أولويات البلاد وتعبئة كل القوى الحية من أجل نصرتها وتقوية الإنجازات التي تحققت في أقاليمنا الصحراوية .
إن المقترح المغربي الشجاع القاضي بتخويل أقاليمنا الجنوبية الغربية حكما ذاتيا موسعا، في إطار السيادة المغربية، مبادرة جدية وذات مصداقية يمكنها أن تفضي إلى حل لا غالب فيه ولا مغلوب، حل يضع حدا للنزاع المفتعل ويحفظ المستقبل.
و بارتباط مع ما سبق فإن الكتلة الديمقراطية تؤكد انسجام وتضامن مكوناتها، وإصرارها على المضي قدما لأجل إنجاح هذا التحول الديمقراطي العميق الذي سيمكن من إرساء الدولة الديمقراطية، العصرية والناجعة.
تفعيل الجيل الجديد من الإصلاحات قوامه نجاعة حكامة الدولة
تعتبر الكتلة الديمقراطية أن نجاح المسار التنموي لبلادنا رهين بجودة الحكامة وبإرساء مناخ سليم يقطع دابر الرشوة والمحسوبية ويعيد الثقة للفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.
ولن يتأتى هذا إلا بمراجعة دور الدولة وتقوية المؤسسات وإصلاح الإدارة.
ومن المهام التي تقع على عاتق الدولة في هذا الإطار:
بلورة الاختيارات الوطنية والتوجهات الإستراتيجية التي يتعين أن تؤطر تطور البلاد في سائر المجالات، تقوية أدوار الدولة في حماية حقوق وحريات وأمن وسلامة الوطن والمواطنين وتحقيق التكافؤ والتضامن بين الجهات من جهة، وبين مختلف الفئات المجتمعية من جهة أخرى للحد من الفوارق المجالية والاجتماعية.
تحصين وتطوير نظامنا الديمقراطي، من خلال توسيع دائرة المشاركة ومجال الحريات وجعل التدبير العام في خدمة المواطن.
إقامة وتفعيل وتطوير الآليات المؤسساتية والقانونية الكفيلة بتخليق الحياة العامة والقضاء على مختلف مظاهر الفساد والتسيب والإفلات من العقاب، تفعيل الجهوية المتقدمة لتصبح الجهة دعامة أساسية للديمقراطية المحلية ورافعة محورية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، مما يستلزم تخويل الجهة صلاحيات واسعة وتوفرها على جهاز تنفيذي وإدارة عصرية، وعلى الموارد المالية والمادية البشرية اللازمة، على أساس جعل الإستراتجيات التنموية للجهة تتناغم مع السياسيات القطاعية الوطنية عبر برامج عقود بين الدولة والجهات وعبر سياسة تخطيط تعتمد مبادئ اللامركزية واللاتمركز والديمقراطية والحوار والتشاور، إقامة وتفعيل آليات مؤسساتية لمراقبة المرفق العمومي واعتماد الافتحاص والتفتيش كممارسة لتطوير وترشيد أساليب التدبير على أساس المهنية والاستقلالية والتنسيق والشمولية، التفاعل الايجابي مع المؤسسات الدستورية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، والتي تضطلع بدور مفصلي في إقامة الحكامة الجيدة وتكريس دولة القانون والمؤسسات،
تعزيز تماسك الوحدة الوطنية من خلال:
توطيد روابط الانتماء للوطن على ضوء تنوع مقومات الهوية الوطنية، وتمتيع المغاربة المقيمين بالخارج بحقوق المواطنة الكاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات، وتمكينهم من الحفاظ على انتمائهم لوطنهم وصيانة مصالحهم،
بناء وتطوير التعددية الثقافية على ضوء مقتضيات الدستور الجديد بخصوص ترسيم اللغة والثقافة الأمازيغيتين وإيلاء أهمية خاصة للغة العربية وكل الروافد اللغوية ومنها الحسانية،
تطوير مضامين تراثنا في تنوعه وغناه والاندراج الواعي في الثقافة العالمية والقيم الكونية والانفتاح المستمر على عطاءات الشعوب والأمم الأخرى.
دمقرطة ولوج مختلف تعابير وإنتاجات تعدديتنا الثقافية إلى التعليم والإعلام والإبداع والحياة العامة.
إرساء ميثاق اجتماعي جديد يضمن الإنصاف والارتقاء
تسجل الكتلة أهمية النقاش العمومي حول ضرورة بلورة ميثاق اجتماعي جديد يستوعب التحولات والحاجيات والانتظارات التي يعبر عنها المغاربة أفرادا وفئات، ويكون بمثابة تعاقد مجتمعي للحاضر والمستقبل يتمثل المنظومة الحقوقية الجديدة التي كرسها دستور فاتح يوليوز، وحيث يجد جميع المواطنات والمواطنين فرصا متكافئة للعيش والنجاح والشغل والارتقاء الاجتماعي والرفاه.
ويتأسس الميثاق الاجتماعي الجديد من منظور الكتلة كالتالي:
تثمين العنصر البشري وضمان الولوج المنصف إلى الخدمات الاجتماعية الضرورية (التعليم – الصحة- السكن اللائق) وتحسين جودتها، مع محاربة الأمية في أفق القضاء عليها في أمد معقول؛
الولوج إلى الشغل وتولي مناصب المسؤولية وفق معايير شفافة تقوم على الاستحقاق والكفاءة وتكافؤ الفرص والنزاهة؛
تقوية التماسك والتضامن الاجتماعيين من خلال:
تسريع وتيرة تعميم التغطية الصحية،إصلاح أنظمة التقاعد وتوسيع قاعدة المستفيدين من خدماته، مواصلة تأهيل وتطوير العالم القروي واعتماد الاستهداف في السياسات العمومية تجاه الفئات المعوزة والمناطق النائية وصعبة الولوج والمهمشة (خاصة المناطق الجبلية والواحات) من أجل تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية،
إصلاح نظام المقاصة في اتجاه الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والوسطى ومحاربة التوريث الجيلي للفقر وتحقيق أهداف الألفية ذات العلاقة بالتمدرس والصحة، محاربة الفقر والهشاشة عبر تشجيع الأنشطة المدرة للدخل وتطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني…
تقوية وتوسيع الطبقة الوسطى حتى تضطلع بأدوارها في تثمين الإحساس بالانتماء المشترك، وتنمية السلوك المواطناتي في المجتمع على أساس التمتع بالحقوق واحترام الواجبات، والمساهمة في إرساء قيم العمل والإنتاج والإبداع والابتكار لدى باقي الشرائح وخاصة الشباب منهم
سياسة اقتصادية إرادية : المواطن هدفا للتنمية
إن الكتلة الديمقراطية إذ تولي أهمية كبرى لمسلسل عصرنة وإصلاح الاقتصاد الوطني وتأهيل هياكله وقطاعاته وفق مستلزمات الإنتاجية والتنافسية والشفافية، لتؤكد حرصها على اعتماد سياسة إرادية لاستكمال الانتقال نحو نموذج تنموي اقتصادي واجتماعي جديد يتسم بالوضوح والتجانس والتكاملية، ويقوم على الإنسان، منطلقا وغاية، من خلال تقليص العجز الاجتماعي المتراكم، وتقوية التضامن والتماسك الاجتماعي، وإرساء تنمية مندمجة متوازنة ومستدامة ذات بعد ترابي.
ستعمل أحزاب الكتلة الديمقراطية على ترجمة هذا التوجه كالتالي:
تحقيق التوازنات المالية والماكرو- اقتصادية الكفيلة بضمان الاستقرار الاجتماعي ومواصلة سياسات التنمية البشرية المستدامة؛ جعل النمو في خدمة التشغيل سواء في القطاع العمومي أو القطاع الخاص، ورافعة لقدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص الشغل، وذلك من خلال:
1- وضع استراتيجية وطنية تعيد ترتيب الأولويات، وتهدف إلى التنسيق والتجانس بين السياسات القطاعية المعتمدة، وتسريع وتيرة الإنجاز على الصعيد الترابي من خلال برامج تعاقدية مندمجة مع الجهات كفيلة بجعلها أقطابا تنموية وأحواضا للتشغيل؛
2- توفير الموارد البشرية الكافية، من الأطر والكفاءات، لإنجاز الإصلاحات الهيكلية (التعليم- الصحة-القضاء)، فضلا عن حاجيات ورش الجهوية الموسعة واللاتركيز؛
3- مواصلة تعبئة الاستثمار العمومي وفق السياسات العمومية المعتمدة لتسريع وتيرة الأوراش الكبرى، وتقوية الطلب الداخلي وخلق فرص الشغل، مع اعتماد توزيع منصف للاستثمارات العمومية بين الجهات يقلص من التفاوت المجالي، ومن العجز المسجل على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية والاجتماعية بالرغم من المجهودات المبذولة؛
4- تشجيع خلق فرص الشغل بالقطاع الخاص عبر دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتشجيع إحداث المقاولات الصغيرة جدا لاستيعاب وتطوير القطاع غير المنظم، وإعادة الاعتبار للعمل في القطاع الخاص عبر تطوير وتعميم المسؤولية الاجتماعية للمقاولة وتحسين ظروف العمل؛
5- اعتماد المقاربة الترابية في مواصلة تحسين مناخ الأعمال وجاذبية الاستثمارات المدرة لفرص الشغل، وذلك في سياق إصلاح الإدارة والقضاء وتخليق الحياة العامة، والتنزيل المرتقب للجهوية الموسعة؛
تأهيل الموارد البشرية عبر مواكبة مؤسسات التعليم العالي لحاجيات التنمية والشغل على الصعيد الجهوي، وإحداث جيل جديد من معاهد التكوين في المهن، وتطوير التكوين المستمر داخل المقاولة.
اعتماد البرامج التعاقدية ودفاتر التحملات كآليات للحكامة الجيدة من أجل محاربة اقتصاد الريع، ومواجهة اللوبيات، والحد من الاحتكارات والاستثناءات، وإقرار الشفافية وقواعد المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص في الاستثمار والمعاملات الاقتصادية والتجارية، مع تقوية سلطة المنافسة؛
توسيع الوعاء الجبائي عبر محاربة الغش والتملص الضريبيين، ووضع حد للإعفاء الضريبي إزاء الفلاحين الكبار.
التنمية المستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية
انطلاقا من حق المواطن العيش في بيئة سليمة وصحية، تعتبر أحزاب الكتلة الديمقراطية أن تسريع وتيرة الدينامية الاقتصادية المشروطة بالتوازن البيئي، هو النهج الأنجع لتحقيق التنمية المستدامة وحماية الموارد الطبيعية لفائدة الأجيال القادمة.
وبالتالي، فإن كسب رهان جعل المغرب قاعدة للاستثمار والتصدير على الصعيد الجهوي والدولي، يقتضي كذلك أن تنصرف الجهود نحو إدماج البعد البيئي في مختلف السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية ذات العلاقة، مع تشجيع النمو الأخضر والاستثمار في التكنولوجيات النظيفة والإسراع في تطوير واستغلال الطاقات البديلة وغير الملوثة التي تزخر بها بلادنا، وتوفير الأمن الغذائي والطاقي دون استنزاف الموارد المائية والطبيعية وتدمير المجالات الإيكولوجية.
وفي هذا السياق، ينبغي العمل على ترجمة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة إلى نصوص قانونية وتنظيمية وتدابير إجرائية لها قوة الإلزام، وضرورة إدراج البعد البيئي في البرامج التعاقدية والمشاريع الاستثمارية ودفاتر التحملات، ووضع سياسة وطنية للوقاية والحد من آثار الكوارث الطبيعية والتقلبات المناخية.
المغرب في ضوء التطورات والمتغيرات الجهوية والدولية
إن أحزاب الكتلة الديمقراطية، حينما تلح بإصرار على بناء دولة المؤسسات وسيادة القانون، فلأن المغرب جزء لا يتجزأ من محيطه الجهوي والدولي الذي يشهد في الفترة الأخيرة تطورات وتحولات عميقة.
فعلى المستوى الدولي، نعيش سياق أزمة عالمية بكل تداعياتها المالية والاقتصادية والاجتماعية، بما يترتب عنها من مراجعات للعلاقات بين الدول المتقدمة من جهة، والدول النامية من جهة أخرى. وهو ما أضحى يتطلب التعجيل ببناء نظام عالمي جديد، ومراجعة جوهرية لوظائف المؤسسات المالية الدولية، وتمتيع البلدان النامية المكانة المستحقة، ووضع أسس جديدة لعلاقات متكافئة ، بل التفكير جديا في نموذج علائقي متعدد الأطراف قائم على روح الشراكة المتقدمة التي بإمكانها جعل العولمة مكسبا في خدمة التنمية الشاملة والمتوازنة، وفي خدمة السلم والاستقرار والرفاه الإنساني.
وفي السياق العربي، تعيش شعوب المنطقة صحوة جديدة غايتها تحقيق المزيد من الديمقراطية والكرامة واحترام حقوق الإنسان.
وواضح أن هذه الصحوة ستفتح أمام هذه الشعوب آفاق جديدة للتكتل والاندماج وتحرير الطاقات البشرية والاقتصادية من أجل تحقيق التنمية الشاملة والعيش الكريم لجميع مواطنات ومواطني المنطقة العربية.
وبخصوص القضية الفلسطينية، تؤكد الكتلة دعمها المتواصل لتأسيس دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، وتأييدها القوي والمطلق للطلب الذي تقدمت به السلطة الفلسطينية باسم منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
في مجال العلاقات الدولية : تولي أحزاب الكتلة الديمقراطية أهمية كبيرة للعلاقات الخارجية في صياغة السياسات العمومية بشكل يساعد المغرب على تبوئ مكانة متميزة دوليا وجهويا ويقوي مساهمته في تدعيم الاستقرار والسلم الدوليين. وبهذا الصدد تؤكد أحزاب الكتلة الديمقراطية على مساندتها للقضايا العادلة في العالم ورهانها على الاندماج المغاربي، والعمل على جعل منطقة البحر الأبيض المتوسط مجالا للسلم والتنمية المشتركة.
وبهذا الخصوص، فإن الاتفاق المغربي- الأوروبي من خلال صفة ” الوضع المتقدم” يكتسي، في نظرنا، أهمية قصوى على المستويات التجارية والاقتصادية والسياسية. وعلى المغرب أن يسعى إلى تطوير موقعه في علاقته بهذا التكتل، مع الحرص على محافظته على مصالحه الوطنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، والعمل، انطلاقا من هذه المكانة المتميزة، على الاهتمام اللازم من أجل تطوير “الاتحاد من أجل المتوسط” والسعي إلى إعطائه بعدا ملموسا في اتجاه ترسيخ تعامل وتكامل متكافئين بين دول ضفتي البحر المتوسط، والسعي الحثيث نحو إرساء حوار جدي مع جارتنا إسبانيا لاسترجاع سبتة ومليلية إلى حظيرة الوطن دفاعا على حقوق المغرب وحرصا على تعزيز حسن الجوار مع اسبانيا.
كما تسعى الكتلة الديمقراطية إلى تقوية علاقات المغرب التقليدية مع العالم العربي والإسلامي والإفريقي وتوسيع نطاق التعاون مع الدول الصاعدة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وتدعم السعي إلى مراجعة جذرية لنظام هيئة الأمم المتحدة ودمقرطة مؤسساتها وجعلها منصفة في معالجة القضايا الدولية وحريصة على إقرار المشروعية والسلم والتنمية. وتعمل الكتلة الديمقراطية جاهدة على ترسيخ علاقات بلادنا مع الدول الإفريقية الأخرى على الأصعدة السياسية والتجارية والثقافية بالنظر للامتداد الإفريقي للمغرب والعلاقات التاريخية التي تربط بلادنا مع باقي الدول الإفريقية.
وانطلاقا من العمق المغاربي والعربي الذي يكتسي بالنسبة لبلادنا أهمية سياسية واقتصادية حيوية، بالنظر إلى عمق الروابط والقواسم المشتركة لبلدان المنطقة، تعتبر الكتلة الديمقراطية أن تحقيق التكامل السياسي والاقتصادي والثقافي بين هذه الأقطار يستوجب تقوية وتطوير مجالات التعاون والتكامل في كافة الميادين وعلى كل المستويات. ومن هذا المنطلق، فإن بناء الاتحاد المغاربي يشكل لبنة أساسية ضمن المشروع الكبير للتكامل بين الدول العربية. وسنسعى جادين، في الكتلة الديمقراطية، إلى مد جسور التعاون والتكامل مع المجموعات العربية الأخرى كبلدان مجلس التعاون الخليجي وتوفير الشروط الملائمة واللازمة لتحقيق هذا المبتغى.
خاتمة
تشكل هذه الوثيقة أرضية مشتركة لأحزاب الكتل